نهاية الإرهاب والاستبداد معا
ابراهيم غرايبه
26-09-2011 04:12 AM
هل كان حدثا ذا دلالة رمزية أن يكون مقتل أسامة بن لادن متفقا مع نهاية أنظمة سياسية استبدادية؟..
وإذا أضيف إلى ذلك انحسار عمليات العنف السياسي في العالم الإسلامي، وخروج الشارع العربي والمجتمعات في مظاهرات واعتصامات ومواجهات كبيرة وشاملة لأجل الحرية والإصلاح، والموقف الأميركي والغربي المؤيد للحراك الشعبي والمجتمعي والمتضامن معه، بل وتأييده بقوة السلاح كما حدث في ليبيا، فهل يمكن القول اليوم إن الاستبداد والإرهاب يرحلان من العالم العربي وربما إلى الأبد؟
الواقع أن أحداث 11 أيلول (سبتمبر) كانت بداية النهاية للإرهاب والاستبداد معا، وما يجري اليوم بعد 10 سنوات هو محصلة لتفاعلات وأعمال متراكمة ومتواصلة. فبرغم كل السلبيات وصحة الانتقادات الموجهة للحملة الأميركية والغربية على العراق وأفغانستان، فقد أسست لأنظمة سياسية جديدة قائمة على الانتخاب لأول مرة في العراق وأفغانستان؛ وأسست لحوار طويل وعميق مع الذات في العالم العربي والإسلامي وفي الغرب أو بين الطرفين معا؛ وأسست أيضا لفهم جديد ومختلف للأزمات والحلول. وسمعنا منذ 10 سنوات أصواتا قوية ومهمة في الغرب تدعو لإعادة النظر في دعم الاستبداد السياسي والتعاون معه، أو ربط الاستبداد بالتطرف والإرهاب. وجرت محاولات وصفت في حينها بأنها ضحلة وضعيفة لدعم الديمقراطية في العالم العربي، وقال مفكرون وإعلاميون مؤثرون في الغرب: لا نحتاج إلى تعاون الأنظمة السياسية العربية في مكافحة الإرهاب، كل ما نحتاجه منهم وقف الاستبداد، لأنه المنشئ للإرهاب!
وما يبدو اليوم استثناء في العراق وأفغانستان يمكن بسهولة ملاحظة أبعاده السياسية والمجتمعية، وربما يكون ربطه بالأصولية والتطرف يشبه ربط الحركات التحررية والاستقلالية في عقود ماضية بالدول والتيارات الشيوعية، فهي في حقيقتها حركات تسعى للعدالة، ولم تكن الأيديولوجيا الإسلامية أو الشيوعية سوى أداة للحشد والدفاع، وهكذا فقد تحولت طالبان إلى مظلة للبشتون واستقلال أفغانستان، والأصولية الإسلامية مظلة للسنّة في العراق، وكانت الأصولية الشيعية نفسها حليفة الولايات المتحدة لأجل حماية الشيعة في العراق كما كانت من قبل عدوتها للسبب نفسه.
لقد كانت الأنظمة السياسية العربية تدرك أنها تلعب في الوقت الضائع، فشغلت نفسها ومجتمعاتها بعيدا عن الأسئلة والقضايا الأساسية. واليوم، فإن المجتمعات تعود لتواجه مطالبها وأولوياتها الأساسية؛ الحريات، والعدالة، والفقر، والمرض، والوباء، والأمية، والفجوات الاقتصادية، والجريمة المنظمة، والتلوث، والفساد، وتحديات وفرص التنمية والتعليم والإصلاح والرعاية الصحية والاجتماعية والتقنية والمعرفة. وكانت الأنظمة السياسية تدرك ببساطة أن هذه العودة هي نهايتها، وأن استمرارها في الاستبداد مرهون باستمرار الإرهاب، ولأجل ذلك كانت وما تزال تذكرنا وتذكر العالم بخطورة "القاعدة" وبأهميتها في مواجهتها، وأهميتها أيضا في الدفاع عن إسرائيل!
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
(الغد)