الجندي المجهول وصرح الشهيد والوزير
عمر كلاب
23-09-2011 04:48 AM
كان يسترسل في مغامراته السياسية وتحليله القانوني وسياسة الدولة الخارجية, عندما جاب على جغرافيا المملكة ليعلن وقوفه عند صرح الشهيد في الشونة وكيف كان المشهد يوحي بأن الجهة الغربية للاردن مليئة بنقيق الضفادع.
قال مستمع: قصد معاليك صرح الجندي المجهول في الكرامة, واردف بأدب: صرح الشهيد في المدينة الرياضية, لم يرمش الوزير معتبرا ان ما حدث لا يتعدى الخطأ المطبعي, وبأنه ليس خبيرا في الجغرافيا ملحقا هذه الجملة بابتسامة اقرب الى الصفار منها الى لون الحجارة الوردية.
سأله احد الحضور ولكن السياسة جغرافيا لان الجغرافيا اثر الطبيعة على التاريخ ولا يمكن ولوج باب السياسة دون معرفة الجغرافيا والتاريخ؟.
فتح باب السؤال والحديث كله اسئلة موجعة عن نقيق الضفادع القادم من ماء النهر المنحسر صيفا وسياسة, وكيف تحول النقيق الى هدير طائرات وزمجرة دبابات ذات ربيع كريم وكرامة, وكيف قال الجيش والشعب كلمته في وجه الة القمع والاحتلال وجاء نصب الجندي المجهول ليكون علامة على النصر والكرامة التي يخطئ معاليه في تذكرها.
الان تحول النقيق الى عواء متواصل من آلة البوم والخراب وهي تهاجم الاردن بكل كيانيته, شعبا وقيادة, وكيف تنعق صحافتهم المربوطة تبعيا وسياسيا بالالة العسكرية والذهنية التوسعية, بأن الاردن مجرد حبر على الاطلس الاوسطي وان ازالته تتطلب قرارا دوليا لا اكثر, وانهم يملكون المنح كما يملكون المنع فهم اصحاب العالم الجديد وهم ممثلو المكتب العقاري الالهي فيمنحون هذا «قوشان الطابو» ويسحبونه من ذاك.
في زمن يختلط على وزير سيادي سابق او لاحق جغرافيا الوطن يكون من حق العدو ان يعتقد بأنه قادر على صنع الاقليم على هيئته, وفي مكان يختلط على الوزير فيه تاريخ الجندي المجهول او صرح الشهيد يكون للجغرافيا اسماء متعددة وقابلة للهضم والبلع والتغيير.
طبعا ليس ابدال المكان والزمان في ملازمة التاريخ والجغرافيا خطأ مطبعيا كما برّر الوزير الخطأ, بل لان الجغرافيا تصبح زمانا والامكنة تاريخا اذا تعمدت بعطر الشهادة ومسك الاستشهاد, المكان يصبح زمانا غير قابل للتغيير وغير قابل للتضليل وإن كان قابلا للتضليل, فالحبر ينتج عن الحرب وارصدة الربح اذا ما كان لمثلهم الفضاء الرحب, ويمكن لهم تظليل التاريخ بظلّهم مؤقتا.
اروي الحكاية كي اجيب عن سؤال صديق عزيز استغرب موقفي الداعم لمنع من يحمل جنسية مزدوجة من المنصب السيادي, فالجواز وان كان وسيلة سفر وملكية لمن لا يؤمن بالهوية الناشئة عنه, الا انه يصبح وسيلة حماية لمن يحمله واستثمارا سياسيا لمن يريده عند الضيق, وكثيرا ما سمعناها حتى من غير السياسيين «ما بقدروا يحكوا معي انا احمل جنسية غربية» ويكون التبجح اكثر اذا كانت الجواز ممهورا بتوقيع لشرطي العالم الامريكي.
قديما وقبل ان تتبدل اللهجات والهيئات كنت تعرف ابناء الوطن من لهجاتهم ومخارج حروفهم ومن سيماهم, لكن بعد ان اختلطت الانساب بالاخوة بالرضاعة من الحليب المجفف, ارتخت الاعصاب والعضلات وحتى العظام اصابتها الهشاشة التي اصابت لاحقا كل شيء.
ترى.. هل يأتي اليوم الذي نرى فيه تعيين الوزراء بعد اجتيازهم امتحان اطلس القلب لا اطلس الجغرافيا؟.
omarkallab@yahoo.com
(الدستور)