لا أحب هذه النظرات الخائفة في عينيك لا أحب عينيك وهما تركضان بين جسدي الناحل وأصابعي وهذا الورق الأصفر على ركبتي لا أحب ادعاءك أنك في حاجة الى قلمي وأنك ترغب في الاحتفاظ به ليلة وبعض نهار اذ ليس لديّ كثير من الوقت كي اصمت أو كثير من الوقت كي أقول أي كلام إذ بعد كل هذا العمر، وهذه المعارك والحروب وهذا الحزن الذي أغلق باب القلب عن حزني كيف يخطر ببالك أنني قد أرفع راية بيضاء أو أنني سأتوقف عن القتال استعدادا لرحلة أخيرة فالشهور القليلة التي حاول الأطباء اقناعي بأنها بقية العمر ليست مثل شهور الآخرين، الذين لهم أيامها الثلاثون اذ يختلف حساب عن حساب فكل شهر ثلاثون عاما وكل عام ثلاثون شهرا وكل يوم ساعات يصعب على عقارب ان تعد دقائقها* * * * *
لا أدري لماذا صرخت بي منتصف ليلة البارحة: أين أنت ان الطائرة على وشك الاقلاع!! قلت لك في هدوء : إنني مشغول بترتيب حقيبتي صرخت بي ثانية : ولكنك فعلت هذا قبل اسبوع.
لم أرغب في الدخول معك في نقاش لا جدوى منه ورحت أعد لك على أصابعي ما رحت أخرجه من حقيبتي: ديوانان من الشعر وروايتان وكتاب ليس شعرا وليس رواية وما تبقى من أجندة العام 2007 لتسجيل ملاحظاتي ونصف أجندة العام 2008 فقد القيت بالنصف الثاني من النافذة فاذا صدقت حسابات الأطباء فإنني لا أحتاج لغير النصف وهناك دفتر أصفر وبضعة أقلام ومقص أظافر وأدوات الحلاقة وزجاجة عطري المفضل وحقيبة صغيرة أضع فيها دوائي وهاتفي الخلوي ورخصة القيادة وهويتي الوطنية وست صور صغيرة إذ قد يحتاج العبور من هذا العالم الى اثبات شخصية
* * * * *
ها أنا انتهيت من افراغ حقيبتي وقمت بإعادة ما فيها من أشياء الى مكانها المعتاد لقد احتجت الى خمس دقائق كي أنتهي من هذا الواجب وكنت قد احتجت الى يومين لملء الحقيبة.
لم أكن فرحا وأنا أعد كل شيء للسفر ولم أشعر بالحزن عندما وجدت الأمر صعبا لا أستطيع الآن ان أتحدث عما يجب ان أتحدث عنه لكن المغلف المغلق والموضوع على منضدة صغيرة والمعنون لثلاث صبايا وشابين فيه كل أسرار الرحلة التي كانت ستبدأ لكن الطائرة لم تقلع في اللحظة الأخيرة وفي آخر الرسالة المطولة رجاء لأبنائي ألا يشعروا أن أحدا خذلني، اذ حين ينصفك الوطن فماذا أن يخذلك احد او كثيرون او قليلون
عمان 1/9/2007 kmahadin@hotmail.com