الجزيرة اذ تعود الى احماء الداخل
ماهر ابو طير
19-09-2011 04:00 AM
في متابعة لافتة للانتباه، واصلت قناة الجزيرة منذ خمسة ايام فتح الملفات الاردنية، بشكل متتابع، بعد فترة من الهدوء، ولا يعرف احد ما اذا كان الامر اعلاميا، ام يعبر عن شيء ما.
غطت الجزيرة بشكل موسع ملف الكازينو، وما نقله موقع ويكيليكس، ونشرته «الغارديان» البريطانية، حول هذا الملف، في كل نشرات اخبارها قبل ايام، واستضافت شخصيات للتحدث عن القضية، ثم غطت مسيرات الجمعة بشكل موسع، من جنوب المملكة.
عادت القناة بعد ذلك وغطت مسيرات الجمعة التي خرجت في عمان، امس الاول السبت، ثم ختمت بتغطية في برنامج ما وراء الخبر، بمناقشة قصة موقف الاسلاميين من التعديلات الدستورية. ربما تكون الجزيرة قناة مهنية ومحترفة، لولا تحفظ كثيرين عليها، وهو ما اشرت اليه سابقا، من استضافتها اسرائيليين، وهو الامر الذي يبقى علامة فارقة، ولهذا فان التركيز على الشأن الاردني بهذه الطريقة يثير اسئلة كثيرة حول الدوافع الاساسية.
كل وسيلة اعلامية لديها وسائل انتقائية، ودرجات في التغطية، وهذا ما نعرفه من «سر المهنة»، واي قناة بامكانها ان تخصص دقيقة للحدث الذي تتم تغطيته، وبامكانها فتح الهواء مباشرة، لذات الحدث، وهي لعبة من الصعب فك اسرارها الا لدى المختصين.
هذه المتابعة المتسلسلة والمعمقة، مثيرة، لاننا نفهم تغطية مسيرات الجنوب، باعتبارها حدثا، ونفهم الى حد جزئي تغطية مسيرات عمان في يوم اخر، لكننا لا نفهم لماذا يتم فتح ملف رفض الاسلاميين للتعديلات الدستورية في نصف ساعة اخبارية، ولماذا تحظى وثائق ويكيليكس حول الكازينو بكل هذا الزخم؟.
هنا تتبين الانتقائية المرتبطة بالموقف السياسي او دوافع اخرى، فلو كانت الامور طبيعية لانتقت الجزيرة غير ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، ولاعتبرت ان المادة المنشورة لا تخصها، غير ان القصة كلها تؤشر على تسخين متعمد في الاجواء.
كلنا يذكر العلم الاردني الذي تم دسه وسط الاعلام العربية في خلفية الصورة في قناة الجزيرة، بين اعلام الدول التي تعيش حراكات، وكانت الرسالة تحريضية، وكأن الجزيرة تقول ان الدور قادم على الاردن بعد هذه الدول، مما ولد اعتراضاً، فتم رفع صورة العلم.
عبر ذات وثائق ويكيليكس تم الكشف عن جلسات استماع اجراها مدير القناة مع مسؤول استخباراتي في السفارة الامريكية في الدوحة، وكان خلالها يستمع الى نقد امريكي عن كل شهر مر، والاعلام الاردني هاجم المدير واتهمه بالتخابر مع الامريكيين.
لا يمكن في النهاية اعتبار تركيز قناة الجزيرة على الشأن الاردني بمثابة رد فعل من مدير القناة، على الحملة الاعلامية التي استهدفته شخصيا، اثر ما نشر عنه، لان القناة تعبر عما هو اكبر واخطر من ذلك بكثير.
اذ بدأت الجزيرة تسخن الاجواء الاردنية بهذه المتابعات علينا ان نضع ايدينا على قلوبنا، لان القناة قادت جهدا اعلاميا وسياسيا خطيرا خلال العام الفائت تجاه دول عربية، وكل ما نتمناه ان تكون الدوافع اعلام في اعلام، وان لا يثبت وجود دوافع اخرى.
نقد الجزيرة لا يحرمها من الاعتراف بمهنيتها، غير انها مهنية مثل النبيذ، يدفئ في الشتاء، لكنه يلسع افواه الشاربين وحلوقهم، ويسبب لهم القرحة وتليف الكبد في حالات اخرى!.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)