الإستقرار السياسي في الدولة الحديثة
د. معن ابو نوار
17-09-2011 03:32 PM
لا تقدر أية دولة مهما بلغت من قوة ، حتى أكبر وأقوى دولة في العالم ، أن تفرض إرادتها على دولة مهما كانت صغيرة ، إلا بموجب القانون الدولي ، وبواسطة هيئة الأمم المتحدة وبموجب ميثاقها. ولذلك تحاول كل دولة أن تضمن في مواقفها الداخلية والخارجية تمسكها بالقانون الدولى العام ، ونص وروح ميثاق هيئة الأمم المتحدة. وبهذا المبدأ وحسب يمكن ضمان الاستقرار السياسي الإقليمي والدولي العالمي. أما التدخل القاهر فيؤدي عادة وبصورة عفويه إلى العنف المؤذي للعلاقات الإنسانية بين الدول.
ينجم عدم الاستقرار السياسي في أية دولة عن أسباب عديدة ؛ أهمها الكراهية العرقية ، التنافس الجهوي المحلي ، انعدام المساواة خاصة في الفرص الاقتصادية والمعيشية ، والاستبداد السياسي ، وانعدام الحرية ، وغياب سيادة القانون على المواطنين دون تمييز ، والحرمان من حقوق الإنسان ، وأهم من ذلك الحرمان من الديمقراطية بجميع مبادئها. ناهيك عن ما تمليه الأحزاب أو الحركات العقائدية المتطرفة من التهاب في الوحدة الوطنية نتيجة لاندفاع المتطرفين في فرض عقيدتهم السياسية على الآخرين.
في هذا الميدان الخارجي تحتاج الدولة إلى إقامة علاقات سلمية مستقرة بين الدول موقفا رئيسيا وحيويا من مباديء الدبلوماسية ؛ وتعتبر هذه الدبلوماسية الأساس المتين للاستقرار السياسي ولمعالجة جذور وأسباب النزاعات والمشاكل بين الدول؛ وأية مواقف خارجية لا تعتني بهذا المبدأ مصيرها الفشل ، وتؤذي دولتها قبل أن تؤذي أية دولة أخرى ، إذا أخذنا بعين الاعتبار العواقب التي تنجم عنها.
وبعد : نحن نجد دولتنا الأردنية في هذه الأيام في جزيرة محاطة بالأزمات العاتية في دول الجوار الشقيقة ؛ نتيجة لنوايا الخطط الإسرائيلية في بناء" دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل ".
بالرغم من كل هذه المخاطر المخيفة ، تصمد المملكة الأردنية الهاشمية صمودا لا يضاهى بفضل قيادة ملكنا الهاشمي الحكيمة المبادرة المقدامة ، وعدم أعطاء أي مبرر لأية دولة في العالم لاتهامها بما ليس فيها أو منها ، وبفضل وحدتها الوطنية ، واستقرارها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، وسيادة الأمن والسلام فيها ، وبفضل ديمقراطيتها الحيوية واستقرار حقوق الإنسان في حياتها ، وسعيها للمزيد من النمو والتطور والحداثة.
كل ذلك جعل جلالة قائدنا الأعلى يجاهد بالسعي المتواصل لحماية وطننا ، ولاستخدام دبلوماسية مؤثرة لمنع انهيار الإقليم الذي نعيش فيه نحو عنف دولي سيصيب كل دولة فيه بخسائر لا تقوى على تفاديها ، إنها خطة ملكية دبلوماسية لا تتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار الشقيقة ، لكنها تسعى لتأييدها ومنع المخاطر عنها بكل إخلاص وأمانة.
أخيرا ؛ قد نكتب مجلدات في المواقف الوطنية لكل دولة عربية ، ومجلدات أخرى لاستراتيجية جامعة الدول العربية المشلولة الراقدة في قاعة العلاج الحثيث ، ولكن الأهم من ذلك ، والذي في غيابه لا يتحقق شيء ، هو ذلك الإصرار الوطني الشامل من قبل كل دولة عربية ، من القمة وعبر الوزراء والموظفين والقادة والجنود والعمال والفلاحين وكل مواطن ، على تحقيق الأهداف التي تكافح وتجاهد من أجل تحقيقها . ولذلك يجب أن تكون مفهومة واضحة على أوسع ساحة ممكنة من معرفتها ؛ مقنعة للغالبية العظمى من الرأي العام الوطني ؛ وتتحلى بأعلى تشبث بالشرعية الدستورية وسيادة القانون.