اردوغان ومحاولة استعادة أمجاد آل عثمان
راكان المجالي
16-09-2011 04:03 AM
تتشكل جغرافية هذه المنطقة من كتل بشرية كبرى هي كتلة العرب وكتلة الاتراك وكتلة الفرس «اي ايران» كما يتشكل تاريخ هذه المنطقة من هذه الامم الثلاث التي انضوت كلها في اطار الحضارة الاسلامية، وابتداء من ولادة الدولة الراشدية والاموية والعباسية بقيادة العرب وما رافق ذلك من دور للفرس الى جانب خلفاء الدولة العباسية الاوائل، وما كان لهم من مساهمة كبيرة في التطور العلمي والحضاري للامبراطورية العباسية الا ان الاتراك فيما بعد استأثروا بدور اكبر وكانت ميزة الاتراك انهم يمثلون الجانب العسكري ومن خلال ذلك برز دورهم في التاريخ الاسلامي الى ان تسيدوا المنطقة وقادوا الامبراطورية العثمانية التي كان لها المسلمون في بداياتها وكانت مصدر اعتزاز وافتخار لهم الى ان ضعفت فبرز التعصب التركي الذي كان احد اسباب انهيار هذه الامبراطورية التي فرضت على المنطقة في القرون الاخيرة من عمرها حالة جمود وتخلف.. الخ.
ورغم ما عاناه العرب من تنكيل الحكم التركي في العقود الاخيرة من عمر الامبراطورية المنهارة الا ان مشاعر الاخوة الاسلامية ظلت سائدة من جانب العرب، وفي مرات كثيرة عبر العرب عن مدى خديعتهم من قبل الغرب الذي شجعهم على الخلاص من عسف وطغيان الحكم التركي.
ونذكر جميعا قصيدة احمد شوقي المشهورة عندما استعاد كمال اتاتورك قوة تركيا العسكرية وتصدى للقوات الغربية وانتصر عليها، يومها قال شوقي:
الله اكبر كم في الفتح من غلب
يا خالد الترك جدد خالد العربِ
هزت دمشق بني ايوب فانتبهوا
يهنئون بني حمدان في حلبِ
ومسلمو الهند والهندوس في جدل
ومسلمو مصر والاقباط في طربِ
ممالك ضمها الاسلام في رحم
وشيجة وحواها الشرق في نسبِ
تلمس الترك اسبابا فما وجدوا
كالسيف من سلم للعز او سببِ
ونحن اذ نستحضر اليوم جوانب الامر الواقع وابعاده التاريخية والجوانب العاطفية في اطار الجيوبوليتك فاننا نلاحظ ان شخصية مميزة مثل رجب طيب اردوغان هو الى جانب حزبه اكثر من يستثمر في اوضاع واحوال المنطقة ويقدم تجربته كنموذج يمكن ان تكون مثالا لشكل الحكم في بلدان حيث نجح في المزاوجة بين الاسلام السياسي وبين الديمقراطية، ولذلك فانه بدأ زيارته لمصر قبل اشهر قليلة من تشكل النظام الجديد عبر صناديق الاقتراع قبل نهاية هذا العام.
اردوغان قصد ان يعلن مصافحته للربيع العربي الذي يرى انه سيتمد لتشكيل الحالة العربية الجديدة، وهو ايضا ادرك قبل ذلك ان اي زعامة قيادية للامة الاسلامية لا تتحقق الا عبر فلسطين وقضيتها، فكان موقف اردوغان من مخاوف غزة والى اليوم، والمهم ان اردوغان قد يسحب البساط من تحت رجل ايران التي لا تملك الاوراق التي يملكها اردوغان في الاطار العربي وكذلك في الاطار الغربي، ومن فلسطين التي يرفع شعار عدالة قضيتها الى الصومال التي يخنقها الجوع والتي انفرد اردوغان بزيارتها، الى كل المواقف والمبادرات، يحاول اردوغان ان يستعيد بعض امبراطورية آل عثمان وهو يمسك بكل خيوط اللعبة دون ان يقطع شعرة معاوية مع احد بما في ذلك اسرائيل.
rakan1m@yahoo.com
()