الكلمةُ الطيبة هي جواز سفرنا إلى القلوب، حيث تهفو إلى سماعها الآذان، وتُسر بها الأنفس، وتنشرح لها القلوب، وتؤتي أُكلها كل حين فهي توثق أواصر المحبة، وتقوي الروابط الإنسانية... فكم من كلمة طيبة قربت البعيد، ويسرت الصعب، وذللت العسير، وفتحت لنا أبواباً لم نكن نتوقع أن تفتح.. وبلغنا بها غايات لا تبلغ إلا بشق الأنفس.. بعكس الكلمة السيئة التي تمقتها الآذان، وتشعل النيران بالصدور، وتفرق الإخوان.. فكم من كلمة سيئة أغلقت باباً، ووضعت حجاباً، وفرقت أحباباً!!.
من استقرأ أحداث المشاكل الاجتماعية، والأزمات المعكِّرة لصفو المجتمع، علم أنّ منشأها في الأغلب بوادر اللسان، وتبادل المهاترات الباعثة على توتّر العلاقات الاجتماعية، وإثارة الضغائن والأحقاد بين أفراد المجتمع.. ومن أجل ذلك كان صون اللسان عن تلك القوارض، وتعويده على الكلام الطيّب والحديث المهذّب النبيل، ضرورة لازمة يفرضها أدب الكلام، وتقتضيها مصلحة الفرد والمجتمع... فطيب الحديث وحسن المقال من سمات المجتمعات الحضارية المتقدمة، ومن عوامل الظفر والنجاح.
كثير من الناس يجهلون تأثير الكلمة على الآخرين، فالكلمة الطيبة قد تكون سبباً لشفاء إنسان أو لسعادة آخر، وقد تكون الكلمة السيئة سبباً في إيذاء الآخرين أكثر من الضرب!.. فالفرد منا ينبغي أن يكون دقيقاً في كلامه ويختار الكلمة الطيبة دائماً لأن الكلمة لها تأثير كبير... فالعصا والحجارة يمكن أن تكسر العظام في حين أن الكلمات الرديئة تكسر الروح، فكثير من ذكرياتنا المؤلمة المرتبطة بالتجارب الإنسانية العاطفية تكون بسبب كلمات قيلت في وقت الغضب!!.
الكلمة الطيبة أثرها يظل مستمراً.. ولا يعرف قيمتها الا كثير الصمت.. فقوة الكلمة تأتي من الحكيم قليل الكلام.. وضعف الكلمة يأتي من كثير الكلام قليل الصمت.. فالذين يعرفون لا يتكلمون!.. فهم يقظون مراقبون، لايحرفون الكلم عن مواضعه.. وهم أيضاً يعرفون متى يتكلمون ومتى يصمتون.. فالذين لا يعرفون يتكلمون كثيراً!!.. واذا تكلموا لا يلقون بالاً لكلامهم.. لانهم غير يقظين فكلامهم كله لغط.. الحكيم هو قليل الكلام يصمت ويراقب يلاحظ ويزرع كلامه زرعاً.. وينثر زهوره نثراً.. ولا يتعجل بالثمار، فالكلمة الطيبة اذا خرجت من قلب صافٍ أضاءت له ولغيره الحياة.
الكلمة بحد ذاتها تعكس شخصية صاحبها، فهي هويته ودالة قوية على أخلاقه وتربيته.. فبها نعبّر عمّا في القلب من مشاعر لمن حولنا، فبالكلمة الطيبة نستطيع أن نبني علاقة طيبة مع الآخرين وندخل قلوبهم.. الكلمة لا تكلف المرء شيئاً لكنها تصنع الكثير.. بالكلمة نبني صروحا وبها نهدم صروحا، وفيها نكوّن العلاقة الطيبة مع الناس... فلو أحسنا إختيار الالفاظ الطيبة في التعامل مع الآخرين لوجدنا الصفاء والود في كل زمان ومكان.
الكلمة الطيبة لها مزايا عديدة فهي تقرب القلوب وتذهب حزنها وتمسح غضبها وتشعرنا عندما نسمعها أننا في سعادة، وحبذا لو رافقتها ابتسامة صادقة.. لذا فلنقل طيباً أو فلنصمت..!
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)