غياب الشفافية يجعل من القرارات العادية أفعالاً مريبة.

في اقل من 48 ساعة انهالت الاخبار السيئة والمحرجة على رأس الحكومة : اعطيات في السر للنواب, تقارير الجارديان البريطانية وفضائية الجزيرة عن اتفاقية الكازينو, وفي صباح اليوم التالي انباء غير سارة عن تغيير حكومي محتمل بعد اسابيع قليلة.

هل كان الامر مجرد صدفة, ام انه عمل مدبر ?

ربما يذهب رئيس الوزراء وطاقمه الوزاري الى الاعتقاد ان هناك مؤامرة تحاك في الظلام للايقاع بالحكومة والتعجيل في رحيلها, فلهذا النمط من التفكير حيز وافر في عقل بعض المسؤولين, خاصة في الحكومة الحالية.

لا يمكن لعاقل ان يفكر بأن ثلاث وسائل اعلام في ثلاثة بلدان مختلفة اتفقت في آنٍ معا على تنسيق حملة مشتركة ضد حكومة البخيت.

المسألة ابسط من ذلك بكثير. وسائل الاعلام لا تختار توقيت النشر, الاخبار هي التي تفرض نفسها على الصفحات والقراء. وافعال الحكومات هي التي تحدد نوعية الاخبار سيئة كانت أم حسنة.

وفي الحالات التي نحن بصددها, وسائل الاعلام ليست هي المسؤولة عن الصورة السلبية للحكومة عند الرأي العام, وانما المسؤولية تقع على من اختار هذا الاسلوب السيئ لتوزيع المساعدات المالية على الطلاب الفقراء, وعلى من قرر اخراج اتفاقية الكازينو بهذا الشكل حتى تحولت الى فضيحة تتناقلها وسائل اعلام عالمية. اما ما تتناقله وسائل الاعلام من انباء عن تغيير محتمل للحكومة فهو يبقى في دائرة الاحتمالات, ولا اظن ان الحكومة ستفاجأ بالامر اذا حصل.

في احيان كثيرة تتحول القرارات العادية للحكومات الى افعال مريبة عندما تفتقر الى الشفافية المطلوبة, ماذا كان سيحدث لو ان الحكومة اعلنت عن نيتها تخصيص اموال لمساعدة الطلاب الفقراء وطلبت من النواب التعاون مع فروع صندوق المعونة الوطنية في دوائرهم الانتخابية لاعتماد قوائم المستحقين ?

والحكمة بأثر رجعي لا معنى لها, لكن اثارة موضوع الكازينو من جديد تقتضي طرح سؤال مشابه : هل كنا سنشهد كل هذا السجال الذي شوه صورة الدولة لو ان الحكومة افصحت للرأي العام عن نيتها ترخيص كازينو وطرحت الاتفاقية للنقاش تحت ضوء الشمس ?

ويمكن اثارة التساؤل بالطريقة نفسها عن التغيير الحكومي المحتمل, لو كان بالامكان احتمال بقاء الحكومة بضعة اشهر تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي, فما هو المبرر للتفكير بتغييرها ? .

fahed.khitan@alarabalyawm.net

(العرب اليوم)