فشل استثمارات الجنوب .. ألبسة الطفيلة مثلاً
عصام قضماني
12-09-2011 08:02 PM
يعود مصنع الألبسة في محافظة الطفيلة ، للعمل مجددا لاستيعاب (900 ) فتاة من العاطلات عن العمل , المصنع عاد تحت ضغوط ومطالبات شعبية بعد حكم صدر بفشله , عاد ليعمل بدعم حكومي كما بدأ .
هذا المصنع ومثله كثير في مناطق أخرى ليس عنوانا للمشكلة , لكنه وغيره بالتأكيد صورة نمطية لحقبة من تشوهات تداخل فيها العام بالخاص , والآنية بالإستدامة والفزعة غير المدروسة التي أحرقت المال الكثير ولم تنفع البشر ..
القصة الشائكة لمصنع الألبسة في الطفيلة أصبحت من الماضي لكنها باتت في ذات الوقت عنوانا لنصيب محافظات الجنوب من المشاريع غير الناجحة مثل الزجاج والسيارات في معان .
فمصنع الألبسة سيعمل الآن بعد تدخل حكومي لم يرفع عنه منذ بدأ وبعد أن إنتهت اجراءات شرائه من صاحبه السابق والذي كان اغلقه على خلفية خلاف مع وزير العمل حينذاك باسم السالم, بعد أن قرر الأخير وقف الدعم المالي على شكل رواتب وخدمات نقل وتدريب للعاملات , كانت تتسلمها الإدارة , بإعادته ليتم مؤسسيا , ما أدى الى أزمة كادت أن تؤدي لخسارة الوزير لحقيبته بتلويح نحو 36 نائبا إحتشدوا بحجب الثقة عنه , وقد رأينا في ذلك حينها تطويعا مثيرا للأزمة بتداخل الخاص بالعام يقتضي الإنصاف أن نثمن اليوم صمود الوزير أنذاك أمام الضغوط الى أن إنتهت الأزمة كما بدأت مشخصنة بمصالحة حصرتها بالشخصنة لكنها لم تقتلع المشكلة التي قد تتكرر في مشاريع مماثلة لم تنل نصيبا وافرا من الدراسة ما يجعل نتائجها مثل عصف تذروه الرياح . .
قضية المصنع وغيره تعود بنا الى ملاحظة هامة وهي أن الإهتمام في محافظات الجنوب لم يفقد التركيز خلافا لما نسمعه اليوم فقد كان على الدوام محط إهتمام الحكومات المتعاقبة وعشرات الدراسات لمؤسسات رسمية وأهلية محلية ودولية منذ عام 89 , وهو إنْ شابته الفزعة أحيانا لكن يقتضي الإنصاف القول إنه لم يفتقر الى المؤسسية والزخم بأي شكل من الأشكال .
الحديث عن أن الأيدي العاملة في محافظات الجنوب لم تستفد من الميناء والعقبة الخاصة والصناعات الكبيرة التي تحتضنها في التعدين وغيرها , يبقى حديثا عاما إثباته أو دحضه يحتاج الى الرجوع الى إحصائيات العاملين , والى إسهامات هذه المؤسسات في المجتمعات المحلية التي تعمل فيها .
الفقر والبطالة في محافظات الجنوب موجودان , وهما ليسا منكرين في أثرهما على الحياة الإجتماعية لكنه يشبه الحال في محافظات أخرى في المملكة من الوسط الى الشمال ومن الشرق الى الغرب , تماما كما هو الحال بالنسبة للمشاريع التنموية بشقيها الكبير والمتوسط وحتى الصغير ومتناهي الصغر فهي تمتد في أجندة الدولة في محافظات الجنوب كما هي في غيرها , لكن السؤال هنا .. لماذا تنجح بعض هذه المشاريع في بعض المناطق ولا تنجح في محافظات الجنوب ؟.
صحيح أن الإجابات عن الأسئلة السابقة موجودة في بطون عشرات الدراسات التي أجريت منذ عام 89 , لكن الصحيح أيضا أن ما تم تنفيذه من مشاريع التأهيل لم يذهب كله هدرا , وإن كانت الفجوة تمثلت في التركيز أكثر من اللازم على مشاريع البنية التحتية على حساب الإنتاجية والتشغيل , وفي بعض المشاريع الكرتونية , إما لغايات الشعبية أو لأغراض التعجيل في الإنجاز دون دراسة دقيقة , وهو تشوه يكاد يتكرر في باقي المحافظات .
مصنع الألبسة في الطفيلة سيعود الى العمل بعد أن توفر له دعم حكومي بصيغة جديدة , ما يعني أن الدعم الحكومي سيبقى ضرورة لإنجاح الإستثمار في الجنوب مع إستمرار عزوف القطاع الخاص الذي لا يرى في تلك المناطق بيئة إقتصادية لنجاح مشاريعه بالرغم من قائمة عريضة من الإعفاءات والإغراءات وهنا مكمن الخلل .
qadmaniisam@yahoo.com
الراي.