على عكس مايظنه كثيرون، فان الشعبية مهمة لاي حكومة، وكل قياسات الرأي العام في الغرب تقرأ الحكومات من باب شعبيتها.
شعبية أي حكومة، تعني مدى رضى الناس عنها، الحكومة الموجودة منذ شهور، لاتحظى بأي شعبية، على الرغم مما تراه انجازات لها، من تعديلات دستورية وقوانين اصلاح سياسي، ومشروع للهيكلة، ومحاربة للفساد، ونقابة للمعلمين، وغير ذلك، وهي انجازات اغلبها للقصر الملكي وليس لارادة الحكومة ذاتها.
جردة الحساب الشعبية لها معايير اخرى، غير الورق الذي يتم تسطيره في رئاسة الوزراء، باعتباره انجازات للحكومة، ولعل أكبر دليل على ذلك ان شعارات ترحيل الحكومة، مازالت تتردد في كل حراكات البلد، وفي عيون الصامتين غير المشاركين.
السبب في ذلك ان تقييم الشعب للحكومات يخضع لمعايير اخرى، وفي قصة حكومة البخيت، فان ظلال ملفات مثل الكازينو وقضية خالد شاهين،وتدهور الاسعار، وارتفاع البطالة، والعجز والمديونية، وتردي الخدمات،وغير ذلك من قضايا يترك اثراً حادا على الحكومة.
في قضية مثل الكازينو،يتم التبريد على قلب الحكومة بأن النواب منحوا البراءة للرئيس، وشعبيا فان النظرة مختلفة لانهم لايثقون بالنواب، ولا بحكمهم،ويتندرون على الترخيص للكازينو من حيث المبدأ.
في قصة اخرى مثل سفر خالد شاهين،ثم عودته،لم تتعلق الذاكرة الوطنية بانجاز العودة، بل بقيت قصة الخروج هي المسيطرة، وهكذا تقرأ الحكومة المشهد من اليسار الى اليمين،فيما الشعب يقرأ المشهد من اليمين الى اليسار.
الحكومة بلا شعبية، وفي أصعب حالاتها، واستعادة الثقة بين الحكومات والشعب، باتت هي المشكلة، لانك لم تعد تجد حكومة واحدة قابلة للرضى، فالحكومات كسّرت بعضها البعض، وبات التشوه في الجين السياسي،وهكذا سيكون حال الحكومة اللاحقة.
كل هذا يأخذنا إلى مسربين،الأول ضرورة تقييم اداء الحكومة،وكيف ينظر الناس اليها، بعيدا عن اجندات النخب،والثاني وضع معايير لتشكيل الحكومات اللاحقة، والبدء منذ اليوم بالبحث عن الرئيس الجديد،ومنحه الوقت لاسابيع ليستعد لدرسه جيدا،هو وأبرز رموز فريقه.
نريد حكومة ليس لشخوص من فيها، اي شبهة أو ظلال أو ملفات أو أقوال أو مطامع أو نزوات، نريد آلية جديدة لتشكيل الحكومات،تعتمد على البرنامج الواضح والمحدد،دون مطعن في قدرات أحد،أو تاريخ احد،نريد حكومة تبحث عن الشعبية،لانها دليل على انها تفهم نبض الشارع.
كيف سيكون لحكوماتنا شعبية وهي تترك كل شيء،وتجلس لتتفرج على حال الناس،من نهب الجامعات الحكومية والخاصة لمال الناس باسم التعليم، مروراً بترك السوق للحيتان،وصولا الى عدم صيانة حقوق الأردني السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
هذه حكومات تصريف اعمال. حكومات موظفين كبار.وليس خبراء ولا وزراء سياسيين.حكومات تأتي وتعرف انها بعد شهور راحلة فلماذا تتعب وتشقى إذاً، وهي تعرف ان كل شهرين هناك تعديل وتغيير؟!.
هذا هو الواقع،وحتى لايبدو الكلام مناقضاً لبعضه،فأن التغيير في الأردن ينبغي ان يأتي تحت ظلال عنوان وبرنامج وخطة عمل،لان التغيير لمجرد التغيير سيقودنا الى ذات الدوامة.
حكومة بلا شعبية،تعني انها في وادٍ والشعب في وادٍ آخر،وآن الاوان ان تأتينا حكومة عنوانها الشعبية،وتسييل العنوان يكون بممارسة السلطة بما يفضي الى تحقيق مصالح الناس،لا اهمالها،واعتبارها مجرد نقيق شعبي مزعج ومتطلب.
نريد حكومة تخدم الشعب،وليس فوق الشعب!.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)