"وتباحث الرئيسان اخر مستجدات الاحداث في المنطقة وسبل تعزيز التعاون المشترك " .. , جملة تكاد تثير التقيؤ لوقاحة استهتارها بالقارىء العربي ..
على مدى عقود فضحت الثورات العربية نتائج " الانجازات العظيمة " التي كانت تحققها انظمة فاسدة , من صفقات مشبوهة واستغلال للنفوذ وتجويع الشعوب وقهرها ورهنها وبيعها واعادة تدوير ظلمها في استثمار عبقري للمنتج الآدمي , فما الذي كان يتم التباحث حوله بالضبط , وكيف كان يتعزز التعاون مع انظمة فشلت في التعاون مع ذاتها ومع شعوبها اصلا .. , لعمري انه تاريخ مزور بكل المقايسس ..
اما وقد كشفت حناجر ( ارحل ) غيض فضائح من فيض متدفق من الاسرار المخيفة حول استغلال السلطة وتجييش الاجهزة الامنية باذرعها المختلفة لحماية الكرسي قبل اي شيء , اما وقد كتب التاريخ المعاصر وثيقة الحرية بالدم واليتم وفظاعة المشهد , فكيف سيتم التعامل مع المناهج الدراسية التي ظلت تطبطب ( عن ظهر قلب ) – بقصد او بغير قصد -على ظهر انظمة قلبت الثورات كل شيء فيها , الا المناهج التي انتهت صلاحيتها ولابد من اعادة النظر في ادبياتها بما يشبه التغيير الثوري المتفجر يوما بعد آخر , والمناهج ليس فقط بالدول التي شهدت ثورات واثمرت عن اهتزاز مرمى قصورها باهداف لا تعد ولا تحصى , بل بدول العالم كله ..
قد يكون من المبكر الحديث عن تغيير المناهج او احداث تعديل عليها وخصوصا في مواد التاريخ والتربية الوطنية وكل ما يتعلق - بعلاقات ثنائية بين البلدين – لان الباب لا زال مفتوحا على مصراعيه على حق الشعوب المقهورة في تقرير مصيرها وانعتاقها من انظمة لم تفهم بعد , او لا تريد ان تفهم بان ارادة التغيير قادمة لامحالة , وان عجلة " حاضر سيدي " و" نفذ ثم اعترض " و " تكميم الافواه " و" الزج بالسجون بمنطق عرفي " , وغيرها من اعمال القتل المعنوي والمادي ستتوقف لا محالة , لان وقودها انتهى , كما اللعبة " انتهت " .
ستتغير المناهج برمتها , حين تكتب الشعوب تواريخها بارادة حرة , بعيدا عن البطانه الفاسدة التي تلونه وفقا لما تراه مناسبا , فقد كنا نعتقد ان حق تقرير المصير مصطلح مرتبط بالقضية الفلسطينية العادلة دون سواها , وان الانعتاق من المحتل , يمتحور حول الانعتاق من الاسرائيلي فقط , ولكن لم نفكر بان تلك الانظمة الفاسدة فعلت كما المحتل في مصادرة كل شيء , وانها بنت لنفسها مستوطنات من القصورة الفارهة , وصادرت حريات الناس بدم " مثلج " , وحركت آلة حربها العسكرية ضد المدنيين من جيشها الذي من المفترض انه وجد لمقارعة العدو وحفظ الامن فيما هو مسخر لقمع – اولاد البلد – مصوبا سلاحه الغادر لجسد الاطفال الغض وللمتظاهرين العزل من الذين تحولت جثثهم الى تلة تقام عليها حلقات الدبكة المصورة افتخارا بالقضاء على – المجموعات المسلحة التي نشأت كالفطر في يوم عاصف - !!
الشعوب اقوى من اي نظام فاسد في العالم مهما تعسكر وتحصن خلف اسوار , ومهما " صّفح " هالات الهيبة من حوله , ومهما جند المأجورين – من الداخل والخارج - , فعقارب الساعة لا تعود الى الوراء ابدا ابدا .
لقد ذاقت الشعوب طعم الحرية , وعرفت الطريق اليها وهي طريق بمسرب واحد فقط , ومسموح بالتجاوز الخطر به والسرعة عبره غير محدودة فلا رادارات العسكر والامن قادرة على كبح جماحها - وان حاولت - , ولا من مخالفات تحرر لاحد , بل ان المخالفات سترصد كل من تخاذل عن الوصول الى نهاية المطاف .
يكفي ارتهان لغد مفروش بالورود على ورق وهمي , ويكفي استراتيجيات لاتنفذ وهدفها كسب الوقت – ما دام المعاش ماشي - , ويكفي وزارات لا تعمر , ووزراء يلغون سياسات من سبقهم , ويكفي فاسدين لا يحاسبوا , ومؤسسات هي دكاكين للمحاسيب والاقارب , ويكفي تعيينات – بالبراشوت – ويكفي انصراف الى نفخ الجيوب فحسب ,ويكفي حركات تصحيحية في مؤسسات اعلامية لا تأتي الا على الفقير وغير المدعوم , ويكفي , ويكفي , ويكفي , الناس " وعيت , ولم تعد تأبه لشيء " .
من يظن انه بعيد عن حناجر – ارحل – فهو مخطىء , فلا وطن للجياع والفقراء والمهمشين بل والمهشمين من شظايا الفساد والقهر الا الحرية مهما كان ثمنها ..
ekhlasqadi@hotmail.com