مكان الإقامة : القويسمة .. الدائرة الانتخابية: عمان الثالثة
ناهض حتر
30-08-2007 03:00 AM
بين يدي هوية الأحوال المدنية رقم "..." ، الديانة: الإسلام ، تاريخ الإصدار 29 حزيران 2007 ، مكان الإقامة : النهارية / القويسمة، الدائرة الانتخابية : الثالثة/ العاصمة.سألت صاحبها : كيف تمكنت من التسجيل في" الثالثة " ؟ قال إن "..." المرشح عن المقعد المسيحي في" الثالثة" طلب إليه ، لقاء وعد ب "..." ، جمع هويات أقربائه ، فجمع له 60 هوية من جبل النصر والوحدات والنهارية، أخذها المرشح وأصدر ، بدلا منها ، بطاقات هوية جديدة ممهورة بالدائرة الانتخابية الثالثة.
قلت للشاب المسكين: هل تعرف أن هذا الإجراء غير قانوني؟ ارتبك قليلا. ولكنه قال إن المرشح " واصل" . وهي إجابة بليغة أسكتتني. فالرجل ، بالفعل، "واصل "، أي ذو نفوذ كبير ، طالما أنه يستطيع اختراق القانون ، ونقل" الأصوات" إلى الدائرة الانتخابية التي يريدها بغض النظر عن أماكن إقامة أصحابها.
وسوف أكتفي ، الآن ، بهذه الحادثة. وفي حينه فانه يمكنني أن أسرد معطيات تتعلق بآلاف الأصوات المنقولة ، خارج القانون ، إلى الدائرة الثالثة، بغض النظر عن شرط الإقامة فيها ، وبغض النظر عن الديانة ، حيث تسمح التعليمات للمسيحيين، فقط،بالانتقال إلى " الثالثة" ، من دون شرط الإقامة، لوجود مقعد الكوتا في هذه الدائرة دون سواها.
يعرف الجميع أنه جرى إغراق دائرة عمان الثالثة، بالأصوات المنقولة من خارجها، ما سيجعل المنافسة فيها، لا تدور حول برنامج المرشح أو تاريخه أو شخصيته ، بل حول كم من " الأصوات" استطاع نقلها ، وكم مقدار نفوذه وميزانيته ، وكم هي قدرته على تنظيم عمليات نقل المقترعين أنفسهم من مناطقهم البعيدة إلى صناديق الاقتراع في " الثالثة"، وتأمين الاتصالات والحافلات والوجبات والمكافآت...
لماذا نركز على عمان الثالثة؟ لأنه من المفروض أنها الدائرة الانتخابية الوحيدة المسيسة من حيث الوعي والتحزب والتحرر من روابط الدم والتحالفات ما قبل المدنية. ولذلك ، فانه يمكن النظر إلى " الثالثة" بوصفها دائرة للتدريب العملي على العملية الديمقراطية الحديثة،والسجالات السياسية من دون مخاطر أمنية. وطالما أن حصة " الثالثة" هي 5 مقاعد من أصل مئة مقعد ، فان إجراء انتخابات حرة وسياسية ونزيهة فيها ، لن يغير من تركيبة البرلمان شيئا، لكنه سيضفي الحيوية والجدية على الانتخابات النيابية ككل، خصوصا في منطقة تركز وسائل الإعلام والمراقبين السياسيين العرب والأجانب.
لا أفهم أبدا هذا الإلحاح على هندسة الانتخابات في" الثالثة " ، حيث فرصة الإسلاميين لن تزيد ــ ولن تنقص ــ عن مقعد واحد. وصاحبه ، بسبب طبيعة المنطقة، يكون ، عادة، من المعتدلين. كما لا أفهم لماذا الإصرار على الاصطدام بقوى اجتماعية حديثة هي الأقدر على تشكيل الرأي العام ، في منطقة تعج بالمسيسين والإعلاميين والأكاديميين الخ وكأن هنالك قرار بالاشتباك مع المجتمع كله، وإخضاع الجميع للهندسة الانتخابية ، مهما تكن النتائج.
لقد أعلنت الداخلية أن قوائم المقترعين أصبحت قطعية. لكن الذين سهّلوا نقل الأصوات لديهم ، ولا بد، قوائم بها ، ويمكن شطبها بإجراء إداري من قبل دائرة الأحوال المدنية. ومن دون القيام بهذا الإجراء ، فإن مصداقية الانتخابات النيابية ، سوف تتعرض للمساءلة.