العالم والمعارضة السورية شركاء في القتل!
اسامة الرنتيسي
06-09-2011 07:16 AM
ليست طلقات البنادق أو قذائف المدافع والطائرات أو انفجارات القنابل أسباباً وحيدة في قتل الشعب السوري الثائر لنيل كرامته المسلوبة منذ خمسة عقود، بل هناك عوامل أخرى تشارك مجرمي الأمن والشبيحة في قتل الناس، ويكاد يكون أظهرها وأوضحها الموقف الروسي القبيح والمستغرب في مساندة هذا الإجرام، وبالمماثلة الموقف الصيني، وكذلك بالتبعية المواقف الهندية والبرازيلية والجنوب أفريقية، والصمت العربي المريب، وتشتت قيادات المعارضة السورية، واختلافها على كل شيء حتى لو كان اسم الجمعة التي اعتاد أبناء الفيحاء على إطلاقه لأيام الجُمع منذ انطلاق ثورة الكرامة السورية في منتصف آذار (مارس) الماضي. نستطيع أن نتفهم الانحياز إلى دعم النظام السوري من قبل روسيا لفترة معينة، على اعتبار المصالح المادية والامتيازات الاقتصادية التي ستخسرها روسيا في حال سقوط النظام بعد أن أصمّ آذاننا طيلة أربعين عاماً بالإعداد للمعركة المصيرية مع العدو الصهيوني، وتسخير كافة الإمكانات المادية والبشرية والعلمية لتلك المعركة الموعودة، فأصبح بذلك الزبون الأول في سوق السلاح الروسي، وصارت موسكو بذلك أسدية أكثر من آل الأسد أنفسهم "فالدراهم كالمراهم".
والغالب أننا لا نقصر الموقف الروسي على الجانب المادي الذي تطمع باستمراره من سورية لما تعلم من كذب هذا النظام البعثي على الشعب والأمة بشعارات فارغة، ولكن الواضح أن طهران لعبت لعبتها وألقت بثقلها كاملاً في الموضوع، فالكل يدرك أن سقوط الأسد يعني سقوط الثورة الإيرانية في بلاد الشام على الأقل، إن لم نقل في الوطن العربي عموماً، حيث كانت دمشق على مر عقدين أو ثلاثة العين البصيرة واليد الطولى للوليّ الفقيه في المنطقة العربية. وقد رشحت معلومات تفيد بأن طهران هددت روسيا أيضاً بإلغاء كثير من العقود النووية والتسليحية والعسكرية بينهما إن هي وقفت مع أي خطوة تهدف إلى إسقاط النظام في سورية. ولا يغيب عنا هنا أن نظام الأسد هو همزة الوصل الكبرى بين إيران ولبنان بكل ما تعنيه العلاقة مع حكومة لبنان الشيعية أو معارضة لبنان الشيعية.
أما الموقف الصيني الغائم جزئياً فتغيب عنه المبررات الاقتصادية لتحضر الدوافع الأيديولوجية برغبة بكين بأن تقول لأميركا وأوروبا إنني موجودة ولي رأي يجب أن تأخذوه بالاعتبار. أو ربما أن الصين وقعت في سذاجة وزير الخارجية السوري وليد المعلم عندما أراد مسح أوروبا عن الخريطة والتوجه شرقاً، فطمعت بامتيازات معينة في سورية، وهذا مستبعد في المستقبل القريب.
تبقى بيضة القبان التي يقع على كاهلها واجب إنقاذ الثورة في سورية قبل الإنهاك أو التشرذم، ألا وهي اتفاق قادة المعارضة السورية وانسجامهم في قناة إنجاح الثورة مهما كانت الأثمان. فما قدمه الشعب من تضحيات في الداخل خلال الأشهر الستة المنصرمة يفوق ما قدمته قيادات المعارضة منذ أن نبتت في أفواه كبار أبنائها الأسنان، ولا يحق لأحد مهما علا شأنه أن يركب موجة الثورة ويدعي الإخلاص لها وهو خارج سورية منذ سنوات، ثم يجلس في مؤتمر هنا أو هناك ليفصّل على مقاسه هو لا على مقاس أكفان الشهداء الذين سقوا أرض الشام دماً قبل أن يأتي أيلول على جبل الشيخ.
المجلس الوطني الانتقالي أو المجلس التأسيسي أو مجلس قيادة الثورة.. كلها أسماء لمسميات لا قيمة لها إن لم يقل الشعب الثائر هي من يمثلنا، ولها حق التقرير والتخطيط. ولكن ما يجب أن يتنبه له هؤلاء هو ألا يقعوا في فخ التبعية لأجندات خارجية تدعمهم مادياً أو لوجيستياً فيفقدوا ثقة الشعب، وكذلك ألا يتفرقوا زُرافات ووحداناً ليعطوا المجتمع الدولي الصامت ذريعة جديدة بأنه لا يوجد بديل لنظام الأسد، وبأن المعارضة غير متفقة على رأي أو قرار. وقد لاحظنا أن هذا الخطأ واقع بعد مرور هذه الأشهر الستة وعجز المعارضة عن بلورة خريطة طريق تحدد معالم المستقبل الثوري في سورية، حيث إن الغرب ينظر إلى البديل بعين الريبة والحذر لتعلق المسألة السورية بملفات شديدة السخونة في المنطقة، من أشهرها إسرائيل وحزب الله والعراق وأكراد الشمال على حدود تركيا.. وللحديث بقية.
(الغد)