لم يعد احد يسمع حديثا حكوميا عن الوضع الاقتصادي والتحديات التي تعصف به على اعتبار ان المساعدات الخليجية عامة, والسعودية بدأت تتدفق للخزينة بشكل سخي وبالتالي فان الامور تتحسن ولا داعي لاي خطط او اجراءات جديدة.
في الحقيقة ان الوضع الاقتصادي يعاني من اختلالات مزمنة لا يمكن للمنح الطارئة ان تحلها, والامر بحاجة الى تحرك من جانب الحكومة اكبر مما هو عليه, فالمساعدات ستساعد على تخفيف مصاريف الدعم وتكاليف الطاقة, لكن السؤال الاهم من هي القطاعات الاقتصادية القادرة على توظيف اكثر من 88 الف خريج من الجامعات والكليات سنويا?, الاجابة لا شك بانه لا يوجد من يملك تلك الميزة ابدا لا بل يكون الوضع الراهن في اتجاه التسريح اكثر منه في الوظيف, بسبب ان دور القطاع الخاص يتقلص كثيرا في النشاط الاقتصادي بعد ان تضاعفت عليه الاعباء والتحديات من كل صوب وحدب, ومهما يكون القطاع العام قادرا على التوظيف فانها ستبقى محصورة في التجنيد ووزارتي الصحة والتربية.
اليوم يملك الاردن فرصة غير مسبوقة لدعم اقتصاده بشكل نوعي, يتمثل هذا اساسا في جهود اعادة اعمار ليبيا من جهة, واستثمار العلاقات المتميزة مع دول الخليج العربي من جهة اخرى.
بالنسبة لليبيا فان التقديرات الاولية لاعادة البناء تشير الى تكاليف تناهز الـ 400 مليار دولار, وتمتلك الشركات الاردنية والقطاع العام ايضا حظوظا قوية في اقتحام السوق الليبية واخذ حصة كبيرة في اتجاهين; الاول متعلق بعقود البناء والتطوير, والثاني باتجاه عقود عمل للاردنيين في قطاعات رئيسية لتطوير الادارة الحكومية في ليبيا.
تلك الفرص متاحة في ليبيا للدور الاردني المهم في دعم الثوار على مختلف الاصعدة, ولا احد ينسى ان مبعوث الامم المتحدة في ليبيا هو السياسي المخضرم عبدالاله الخطيب الذي لعب دوراً في الازمة ساهم بشكل كبير في انجاز مهمة الثوار بالشكل الصحيح, لذك المطلوب جهة تقتنص الفرصة المتاحة في هذا المناخ.
الجانب الاخر متعلق بعلاقات الاردن مع دول الخليج العربي والتي وصلت الى مستويات متقدمة اساسا بفضل الجهود الدبلوماسية التي قادها جلالة الملك في هذا الاطار والنقلة النوعية في الشراكة السياسية بين الاردن ودول الخليج العربي والتي تمثلت في مواقف حيوية مشتركة ورؤية اصلاحية شاملة, لذلك المطلوب هو وجود جهات رسمية قادرة على توظيف هذه العلاقات وترجمتها الى خطط وسياسات تنعكس على معيشة الاردنيين ولا يكون هذا الا من خلال عقود العمل للاردنيين والحصول على حظوة في هذا الجانب.
هذه الفرص لا يمكن ان تتوفر في كل الاوقات بل تأتي مرة واحد, ولا احد يرغب في تكرار المشهد مع الجانب العراقي عقب 2003 ، حيث خسر الاردن الكثير من حضوره الاقتصادي هناك بسبب تأخر تحركه السياسي والاقتصادي سواء اكان من القطاع العام او الخاص.
المطلوب حكومة يقظة ومدركة لطبيعة الفرص المتاحة, فالمناخ العام مهيأ لمثل هذا التحرك ان وجد فريق رسمي يعي تلك التحديات والفرص.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم