معشر العرب .. لا تتركوا العراق
أ.د.فيصل الرفوع
05-09-2011 03:47 AM
يمثل العراق، الأرض والشعب والتاريخ، جزءاً أساسياً ومهماً من الجسد القومي العربي، فبالإضافة إلى دور العراقيين التاريخي في الفتوحات العربية الإسلامية، ووقوفهم سداً منيعاً ضد كل الغزوات التي حاولت النيل من التكوين الوحدوي للدولة العربية الإسلامية، فإن تراجعهم وانكسارهم أمام عاتيات الزمان يؤدي إلى تراجع وانكسار للمد القومي، بل تصبح الأمة العربية، حاضراً ومستقبلاً في مهب رياح الأطماع القريبة والبعيدة.
وإذا ما نظرنا إلى الواقع المعاش للعراق وحالته التي لا تسر الصديق بل وتنفره، خاصة بعد تزايد العنف الطائفي وتزايد التهديد الموجه لأمن وسلامة دولة الكويت، بالإضافة إلى التهديدات المتواصلة التي يطلقها «مقتدى الصدر» وفصيله الطائفي ضد أمن وسلامة المملكة العربية السعودية، وقطعاً لم يكن ذلك ليحدث لولا التحريض الممنهج من الولي الفقيه القابع في قم، وبمباركة من أجندات أحفاد إسماعيل الصفوي.
كما أن كثيراً من المصطلحات التفريقية قد عادت للظهور وبشكل ملفت للإنتباه على سطح الحياة العامة في العراق، من قومية وعرقية وطائفية، والتي كانت في يوم من الأيام عامل بناء وتواصل بيني للمجتمع العراقي. حيث تحولت بعد الإحتلال الأمريكي- الصفوي، إلى عوامل هدم وتمزيق للعراق العظيم والتي لن يصيب شرار نتائجها العراق وأهله فحسب بل سندفع كلنا الثمن.. الثمن غالياً سواء في جزيرتنا العربية أو شامنا أو مصرنا أو مغربنا.
المطلوب من أمة العرب وقفه أصيله وصادقة مع هذا الشعب المنكوب، والذي أتت عليه الكوارث والويلات بسبب سوء السياسات والقرارات غير محسوبة النتائج، بعد أن كان دولة أمن واستقرار في مراحل تاريخه المتعددة. فقد كان له حضوره الفاعل عربيا ودوليا، ويتمتع أهله بهامش من الأمن وحقوق الإنسان. كل ذلك تحول، وبإدعاء التحرير على أيدي الغزاة، إلى دولة غارقة في بحور من الدماء يعوزها الاستقرار، دولة محتله تمزقها حالات الإستقطاب الفكري والعقائدي والعرقي والمذهبي.
إن العراق وحالته غير المستقرة بحاجة إلى تفاهمات عربية-عربية أولاً، وعربية-أمريكية ثانياً من أجل إنهاء حالة الاحتلال أولاً، واقعاً ومضموناً وجوهراً لا شكلاًً وقولاً مراسيمياً. وإعادة بناء العراق، الدولة والإنسان، على أسس سليمة مبنية على المبادئ الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان ومنع التدخلات الأجنبية التي تهدف إلى تحطيم القيم الأساسية، العربية والإسلامية، التي بني عليها العراق وإنسانه.
كما إن تفعيل دور العراقيين، عرباً واكراداً وتركمان وغيرهم، بغض النظر عن الطائفة، ومشاركتهم في إعادة النظر في الدستور وتبنيهم لعملية سياسية جادة وبعيدة عن المحاصصة الطائفية، وعدم التنازل عن دورهم لبعض الطائفيين-الصفويين، سيساهم في إعادة بناء الدولة العراقية على اسس سليمة. حيث إن العملية السياسية الراهنة واهية ولا يستفيد منها إلا الأطراف الأخرى على حساب العراق ومستقبله، بل وتقوم بتكريسها قوة الإحتلال والقوى الشعوبية- الصفوية، التي لها إطماعها في العراق ليبقى المجال مفتوحاً أمام أحلامها التوسعية!
alrfouh@hiotmail.com
(الرأي)