بعض ما ظهر خلال الأشهر الماضية من وثائق ويكليكس حول الأردن والكثير مما يعرفه الكثيرون من أهل السياسة والإعلام يشير بوضوح إلى أن بعض من يجلسون مع السفراء الأجانب والدبلوماسيين متوسطي الحجم إضافة إلى ما يتم حتى مع بعض السفارات العربية النشطة يمارسون انفتاحا غير مسبوق ويتحدثون بصراحة تجعل من تلك اللقاءات حافلة بالمعلومات والتقييمات حول الأردن والتي تتحول إلى تقارير سياسية وأمنية تغادر عمان إلى عواصم مختلفة وأجهزة مخابرات صديقة وشقيقة .
لا نتحدث عن حادثة أو اثنتين أو عشرة لان هذه اللقاءات مستمرة على مدار العام , وأحيانا يأتي بعض المسؤولين الأجانب ويتم تنظيم لقاءات لهم بشكل سري أو غير معلن ويتحدث الحضور بكل كرم ويقدمون كل ما في نفوسهم بما في ذلك من يحمل مواقف باطنية من البلد ولا أقول الحكومات .
في كل دول العالم هناك نشاط كثيف للسفارات التي تحاول جمع المعلومات والتقييمات عن الأوضاع الداخلية للدول , وليس سرا أن فئات من الدبلوماسيين الذين يتحركون هم من رجال أجهزة المخابرات في دولهم , وهذا يتم من معظم أو جميع الدول لكن المشكلة فيمن يسمون النخب وممن يعملون في السياسة والإعلام والعمل العام الذين يتحدث بعضهم في حضرة السفير أو الدبلوماسي وكأنه على كرسي الاعتراف أو في حالة التنويم المغناطيسي فيقدم كل ما يعرف بل ويزيد أحيانا بإضافة مشاعره ومواقفه التي تختبئ في نفسه عبر سنوات وربما عقود , وكأنه يعتقد انه كلما زاد في تقديم المعلومات والتحليلات فانه يحصل على الرضى والقبول .
وأحيانا يحاول المتحدث المحلي تحريض السفارات القوية على الأردن , وهذا يتم في بعض الملفات مثل حقوق الإنسان والمرأة والوحدة الوطنية أو التمييز , وهذا أشبه بالاستقواء على الأردن ومحاولة توفير دعم خارجي للمطالبات في الداخل , وسواء مارس أي شخص هذا الاستدعاء للضغط الخارجي في قضية عادية أو مارسه آخرون في عالمنا لطائرات ودبابات احتلال فإنها ذات العقلية التي تتحرك بذات المبررات .
من يعمل في العمل العام لن يضع نفسه في صندوق مغلق , ومن الطبيعي أن يتواصل مع كل الجهات لكن ما نرجوه من البعض أن لا ينسوا في زحمة فرحهم بأي لقاء مع أي سفير أو سفارة او مسؤولين من الخارج أنهم أردنيون , وان حديثهم عن وطنهم يجب أن يكون بمثل ما يتحدث احدنا عن عرضه من غيرة وحرص ورجولة.
(الرأي)