حديث العيد ذو شجون في ظل تواصل انساني مكثف بدون مواعيد مسبقة، وتتعدى احاديث العيد التحيات والتمنيات الى الخوض في كل الشؤون ابتداء من حالة الطقس وانتهاء بمصير بلدان المنطقة التي منها من قضى نحبه ومنها من ينتظر.
ودائماً في كل مجتمع هنالك احاديث عن الهموم في الدائرة الضيقة لهذا المجتمع المحلي أو ذاك، وهنالك حديث في الشأن العام وهو حديث مشترك لمجالس تقوم على التوقعات والتنبؤ والاستنتاجات حول الوضع العام، ومنها حديث مكرر في كل عيد حول الفساد وعمليات النهب والسلب للمال العام وغير ذلك، والمؤسف ان الناس تتحدث حول وباء الفساد وكأنه قدر، ولذلك تلجأ للحديث عن تغيير الوجوه التي تتصدر مشهد مؤسسات الدولة، ولذلك فان تبديل الحكومة بحكومة جديدة شأن قديم متكرر ملَّ الاردنيون الحديث حوله في كل الظروف، فما ان تولد حكومة الا وتبدأ بعد ايام من تشكيلها اشاعات حول تعديلها او تبديلها وتقال الاشاعات والتنبؤات حول حل مجلس النواب وكذلك الاعيان وبقية المراكز العليا.
في احاديث هذا العيد كان هنالك استهجان لان الحكومة الحالية استمرت اكثر من ستة اشهر.
التوقعات كلها تجمع على ان حل الحكومة قريب، بل وشيك، كما توحي بان حل مجلس النواب بات شبه مؤكد وهو وان لم يكن في هذا العام وانما هو ليس بعيدا، حيث من المتوقع ان تبدأ الدورة العادية في مطلع تشرين الثاني لتستمر اربعة اشهر، وبعد ذلك تبدأ الاستعدادات لانتخابات جديدة وفق قانون الانتخاب الجديد، والتي من المتوقع ان يعلن عنها في حزيران القادم لتجرى بعد اربعة اشهر، في تشرين الاول من العام القادم، وحسب القانون الجديد لا يتم حل مجلس النواب وانما يستمر الى يوم موعد اجراء الانتخابات حيث يتسلم مجلس جديد مكان مجلس انتهت ولايته بانتخاب المجلس الجديد.
وقد يوحي كلامي ان الناس قلبها محروق على حكومة جديدة او مجلس جديد او غير ذلك من مظاهر تغيير يفترض انها تشكل قضية مهمة، ولو ان الناس في العادة تتابع هكذا امور على امل ان لا يكون اي تغيير هو تغيير في الوجوه وان لا يكون استمرارا للخط البياني لتشكيل الحكومات والمجالس النيابية وغيرها الذي ظل في انحدار، في الاعوام الاخيرة.
ما يهم الناس هو ان يكون هنالك تغيير في النهج وان يكون هنالك تقدير سليم للمعطيات وللمتغيرات الداخلية والخارجية فلا احد ينكر ان في بلدنا وفي كل اقطار هذه المنطقة حالة احتقان جماهيرية مخيفة واشكال توتر حادة وهنالك اختلالات اجتماعية معيشية وحياتية ضاغطة وهنالك اوضاع اقتصادية متدهورة، وهنالك عواصف وانواء خارجية عاتية، ولا حماية لاي مجتمع الا بقواه الذاتية ولا حماية لاي مسؤول الا نزاهته وكفاءته واخلاصه وصدقه.
وجماع القول، اننا على مفترق طرق مصيري يفرض علينا ان نكون جادين عبر التأسيس لنهج جديد على مستوى المسؤوليات الجسام والتحديات الكبيرة والمخاطر المهلكة.
والله المنجي.
rakan1m@yahoo.com
(الدستور)