يثير إعلان رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي عن وضعه خطة، ستؤدي إلى قلب الأوضاع بالعراق، والحد من عمليات القتل الطائفية التي تنتشر في البلاد , سؤالا مشروعا عن أين كانت هذه الخطه حين كان رئيسا ؟ , وهو حين يبشرنا بقرب عودته إلى بغداد لتنفيذ خطته، التي يعتمد في ترويجها على شركة دعاية أمريكية , لم يكلف نفسه عناء تفسير غيابه الطويل عن البلد الذي يطمح للعودة إلى حكمه , لكنه اعتقد أنه اكتشف حقيقة كيف تحكم عاصمة الرشيد فتوجه إلى واشنطن بالرجاء أن تمارس ضغوطا على ( سلفه ) نوري المالكي، متبرعا بالوعد بأنه سيقوم بالدور الذي ينبغي عليه القيام به من أجل إنهاء الطائفية، وتحويل العراق إلى بلد آمن وديمقراطي , ومرة أخرى يبرز السؤال , كيف ؟ ولماذا لم يقم بذلك حين كان يحمل الرقم واحد في بلاد ما بين النهرين ؟ .والرئيس الاسبق الذي تربى في حضن البعث – مع ما تثيره الكلمة من ذكريات مؤلمة في نفوس العراقيين – يطرح نفسه بديلا للمالكي متهما إياه بتشكيل حكومة شيعية موالية لإيران وانه يؤيد المليشيات المسلحة التي أصبحت فوق القانون , لكنه مع هذه التهمة التي يمكن أن تقود الرجل إلى السجن حرص على الإشارة إلى أن خلافه مع المالكي ليس شخصيا وإنما هو خلاف على الأسلوب والإستراتيجية التي اتبعها في إدارته للشؤون العراقية .
ولأننا لا نكن لعلاوي غير المودة التي نحملها أيضا للمالكي فإننا نجد واجبا علينا تذكيره بان الاتفاق مع شركة BGR الأمريكية، لتتولى شن حملة دعاية واسعة لتقويض حكومة المالكي, ليس الطريق الأمثل للعودة إلى المنطقة الخضراء , رغم أنه يعلن أنه لجأ إلى هذه الوسيلة بسبب الدور الاميركي الحيوي في العراق , ولأن هذه الشركة ستساعده في عرض آراء ووجهات نظرالعراقيين الوطنيين، وليس العراقيين الطائفيين ، وللتخلص من الإجابة على سؤال التمويل لهذه الحملة أعلن علاوي أن أحد العراقيين يتولى تمويل هذه الحملة، لكنه أصر على رفض ذكر إسمه.
لانشك ان اللجوء إلى مثل هذه الوسيلة قد يفيد في حشد المؤيدين من رجال الكونجرس لعودة علاوي وقد لوحظ ذلك في انطلاق دعوات من بعض الاعضاء لتغيير المالكي في نفس اليوم الذي تلقوا فيه رسالة من علاوي تصدرتها عبارة "قائد جديد في العراق"، وهو ذات اليوم الذي أعرب فيه الرئيس بوش عن خيبة أمله بالمالكي , غير أن علينا أيضا ملاحظة ما أعلنه المتحدث باسم البيت الأبيض، غوردن جوندرو، قائلاً إن الإدارة الاميركية تساند المالكي باعتباره رئيس الوزراء المنتخب، وتدعم مجلس الرئاسة، وستستمر بالعمل معهم لدفع الأمور في العراق إلى الأمام.ومقللا من كون الشركة التي تتولى حملة علاوي مقربة من البيت الأبيض، باعتبار أنهم يقومون بذلك لأنهم يجنون أمولاً طائلة.
وإذا كان علاوي يعود لنبش الدفاتر القديمة حين أعانه السفير روبرت بلاكويل،المبعوث السابق للرئيس بوش إلى العراق، على تسنم منصب رئيس الحكومة العراقية المؤقتة،عام 2004، وهو الآن يشغل موقعا قياديا في شركة BGR التي ينتظر ان تقدم استشارات إستراتيجية لصناع القرار الأمريكيين، بشأن قضايا العراق، وترتب اجتماعات بين عميلها والمسؤولين الأمريكيين، وتمثله في المحافل الحكومية والكونغرس ووسائل الإعلام ,
وتضع كافة إمكاناتها في خدمة مشروعه للعودة إلى السلطة , فان طبيعة الامور تؤشر الى أن حاكم العراق المنتظر يجب أن يكون مقيما فيه , ومكتويا بناره , وأن يستمد قوته من الجماهير التي يتواصل نضالها من أجل الامن والرغيف وقطرة الناء النظيفة , ونذكر بما قلناه سابقا من أن المعارضة بالمراسلة من خارج العراق غير مجديه , ولن تعطي لمتعاطيها أية نتائج .