المطالب الدستورية المعلنة من قبل الإخوان المسلمين, ليست تعجيزية. وهي تمثل أساسا صالحا لحوار جدي أعتقد أنه ضروري لعزل الإتجاهات المتطرفة بينهم وحولهم, وكشف باطنهم من ظاهرهم, والتوصل إلى إجماع وطني حول التحول الديموقراطي.
وتدور تلك المطالب, جوهريا, حول ثلاث نقاط رئيسية:
(1) تعديل المادة 35 - وهو مطلب شعبي عام. لكن صيغة التعديل المقترحة لهذه المادة من قبل " الإخوان" بالنص على قيام الملك بتكليف حزب أو كتلة الأغلبية الخ, تلائم طموحات " الإخوان" في الحكم ولا تلائم التركيبة السياسية الأردنية والتعقيدات الخاصة بوضع البلد وموازين القوى فيه. وأكرر, هنا, اقتراحي بالإبقاء على المادة 35 كما هي مع تضمينها مبدأ المشاورات النيابية لتسمية الرئيس. وهو مبدأ يكفل التوازن الدقيق بين مجمل أطراف العملية السياسية, ويشكّل تغييرا نوعيا في آلية تشكيل الحكومات.
(2) لا معنى, في الفقه الدستوري الأردني, لمطالبة "الإخوان" بانتخاب مجلس الأعيان أو إلغائه. فتشكيل مجلس الأعيان من فئات معينة بالتعيين, وليس بالانتخاب, مقصود لذاته في فقه دستور ,52 للحفاظ على استقلاليته إزاء المؤثرات السياسية والحزبية والشعبية, وبالمقابل, نزع النص الدستوري لسنة ,52 صلاحية عزل الأعيان من أية سلطة كانت, لتحصينه وتأكيد استقلاليته إزاء السلطة التنفيذية, بحيث يكون مجلس الأعيان, في النهاية, بيت خبرة ومرجعية دولتية لا تخضع لأية مؤثرات. ولذلك, فإن المطالبة الدستورية الصحيحة هي بالإبقاء على مبدأ التعيين مع العودة إلى دستور 1952 الذي يحول دون عزل الأعيان قطعيا. بذلك, يستعيد مجلس الأعيان حصانته ودوره الدستوري.
(3) لكنها جديرة بالدعم حقا مطالبة "الإخوان" بالمرجعية القضائية الخالصة لتشكيل المحكمة الدستورية وتوسيع نطاق الفئات التي يحق لها مراجعة المحكمة لتفسير الدستور. لكن لا يوجد مبرر فقهي للمطالبة بإقرار تسمية القضاة من قبل البرلمان, إذ يجب أن تكون المحكمة الدستورية,هيئة قضائية مستقلة عن السلطتين, التشريعية والتنفيذية في آن معا.
اقترح مبادرة ملكية للتعامل الإيجابي مع المطالب الدستورية "الإخوانية", لكن بعد غربلتها بما يتفق مع موجبات الفقه الدستوري الأردني والمعادلة الوطنية واتجاهات الإجماع الوطني, وذلك بالتأكيد وحتما - في إطار رزمة واحدة تتضمن دسترة فك الإرتباط. بذلك, يكون الإصلاح الدستوري الضروري قد اكتمل, ولا يعود أمام "الإخوان" أو سواهم, أي مبرر لمقاطعة العملية السياسية الوطنية. فإذا ألحوا, بعد ذلك, على المقاطعة, فسينتهون إلى العزلة.
ynoon1@yahoo.com
العرب اليوم