نماذج شائهة وسط الخراب الفكري والنفسي!
طارق مصاروة
30-08-2011 09:32 AM
تنتج محطات إذاعية وتلفزيونية كمحطة الإذاعة البريطانية B.B.C برامج على الهاتف تتناول كل صعب في ثورات العالم العربي، وذلك على الهاتف، وبالتنقل السريع من حمده في طرابلس إلى فتحي في بنغازي، وتكون الأسئلة: هل تعتقد أن دخول المعارضة باب العزيزية يعني انتهاء القذافي ونظامه؟!. وتأتي الأجوبة.. كأعجب ما تكون الأجوبة. أناس يقولون أشياء عامة لا علاقة لها بما يجري، لأنهم في بيوتهم، ولا قيمة فكرية لها لأن المجيب أو المجيبة يملك جملا سمعها من الفضائيات, ولا شيء آخر!!.
حالة، يلاحظها المستمع طويل البال، حين يقفز إلى الصورة الإذاعية أناس يخطبون بلهجة ونبرة صوت خاصة بالعقيد القذافي. فالرجل نجح خلال اثنين وأربعين عاماً، في خلق مواطنين على صورته ومثاله في طريقة التفكير، وفي الكلام، وفي نبرة الصوت، وربما في قصة الشعر المعروفة!!.
أمس كنت استمع إلى أحد النماذج القذافية في الإذاعية البريطانية، وكان لا يريد الاعتراف بسقوط طرابلس في يد الثوار، ويصر على أن قريته في الجنوب قادرة على «طرد المرتزقة» في أي وقت.
وأن القيادة التاريخية للأخ القائد ستنتصر على «المرتزقة» وعلى الحلف الأطلسي والأمر يحتاج إلى يوم أو يومين.
.. هذا النموذج القذافي نموذج مسل لوسائل الإعلام الأوروبية، التي تتعامل مع المنطقة العربية بترسيخ حالة «الفوضى المنظمة» .. وهي أولاً فوضى فكرية، تقوم على الخلط بما هو كائن وما يجب ان يكون، في عملية شيزوفرينيا، لإنسان لا يفهم الواقع لأنه يرفضه، ولا يعرف البديل المطلوب لأنه غير قادر على تصوّره!!.
نحن نفهم أن هناك بسطاء لا يريدون تصديق ما يجري لأنهم تربوا اثنين وأربعين عاماً على الخوف وعلى تمجيد الأخ القائد، وعلى العزلة المطلقة عما يجري في هذا العالم. ولكننا لا نفهم انهماك فضائيات تلفزيونية وإذاعية أوروبية في استنزاف هذه الحالة للتشكيك في عملية الثورة والتغيير، فهل يصدق احد أن هناك قبائل ليبية حقيقية يمكن أن تستمر في هياكلها القديمة بعد هذه السنوات الطويلة في ظل نظام معادٍ لكل ما هو تقليدي، ولكل ما هو جديد سواء بسواء؟!.
وهل من المعقول أن يفهم المرعوب القابل بحياة الافقار النضالي، أن أموال النفط بنت امبراطورية قذافية عالمية، تفجّر الطائرات المدنية، وتدفع المليارات للتعويض على مئات الضحايا، وتختطف الناس وتذيبهم في مغاورها المعتمة، وتقدم رشوات بالملايين لكل إرهابي في هذا العالم بداية من أبو سياف في الفلبين، إلى ثوار إيرلندا الشمالية، إلى منظمة صبري البنا.. إلى .. وإلى .. وإلى؟!. وأن ملايين النفط هذه عجزت عن بناء مستشفى واحد في بنغازي .. فقد اكتشفنا ان هناك مستشفى سعته 67 سريراً بناه المستعمر الإيطالي في المدينة الكبيرة قبل ثلاثة أرباع القرن!!.
نستمع إلى برامج كثيرة على الهاتف، ونعجب لوطن يعيش على كل هذا الخراب الفكري والنفسي، فإذاعة لندن، متخمة بنسخ معمر القذافي ونعمة الخراب والتخلف، وخذوا.. هذا هو وطنكم العربي!!.
الرأي