الإخوان والأحزاب ومشروعية دورهم في الحكم
راكان المجالي
29-08-2011 02:58 PM
العودة للبديهيات فان انشاء الاحزاب السياسية مرتبط بتشكيل مجموعة طليعية تلتف حول برنامج فكري محدد ورؤية سياسية واضحة، وهي تطرح تصورات مختلفة لما هو قائم بشأن قيادة المجتمع والقيام بدور فعال في العمل العام، وهذا الدور يقتضي امتلاك سلطة التنفيذ وبرنامج هذا الحزب وذاك، وهنالك احزاب تطمح للاستئثار بالسلطة وبعضها يسعى للمشاركة بها ولو جزئياً، وهكذا فان تطلع اي حزب للسلطة هو أمر مشروع من طبيعة الاحزاب السياسية.
على ضوء ما تقدم لا نفهم الاستنكار لتوجه الاحزاب الاسلامية في الوطن العربي وبشكل خاص جماعة الاخوان المسلمين للمشاركة في السلطة، وان تكون شريكة في القرار أو حتى الوصول الى ان تكون صاحبة الكلمة الاولى في القرار وهو ما يوجه حالياً كاتهام للحركة الاسلامية في كل من مصر وتونس، حيث هنالك اختبار لموازين القوى السياسية في المجتمع، وانا لا ارى ان سعيهم للسلطة تهمة، فذلك من حقهم ما دام يعكس ارادة شعبية عبر صناديق الاقتراع او يعكس حجمهم في الشارع.
لقد استخدم النظام المصري السابق والنظام التونسي السابق وانظمة عربية اخرى الحركة الاسلامية كفزاعة للغرب والترويج لأن وصولهم للحكم يهدد مصالح الغرب للحصول على دعمه لهذه الانظمة لتفادي وصول الاسلاميين للسلطة في بلدان المنطقة، وهذا الامر لم يعد قائما ولا يوجد غطاء غربي لمحاربة الاحزاب الاسلامية المعتدلة وفق النموذج التركي الذي أثبت نجاحه في نظر الغرب!!
لقد سعت احزاب للوصول الى السلطة عبر الثورات والانقلابات كما فعل الشيوعيون في حكم الاتحاد السوفياتي، وكما فعل البعثيون الذين استولوا على السلطة في اهم بلدين في المشرق العربي هما سوريا والعراق.
ومن تاريخ التجارب السياسية في الوطن العربي لم يُسجل مرة واحدة ان الاسلاميين في بلدان الوطن العربي قد قادوا انقلابات عسكرية أو حتى محاولة انقلاب، ولذلك فان السماح بترخيص الاحزاب واجراء الانتخابات والتطور الديموقراطي تتيح المجال للجميع للمشاركة في الحياة السياسية، والاخوان المسلمون لم يسلكوا طريق الانقلابات العسكرية، ولكن في نفس الوقت يرفضون ان يكونوا فقط ديكورا في المشهد السياسي في هذا البلد أو ذاك بما في ذلك بلدنا، فأي حزب يطمح ان يكون له دور وتأثير ومستقبل. ومن هنا فاننا لا نفهم أسباب ولا ندرك مبررات البعض في التحريض ضد جماعة الاخوان في الاردن واتهامهم بأنهم يخططون للوصول الى السلطة وغير ذلك، فكما قلنا فان طموح أي حزب أو جماعة سياسية للسلطة ليس شبهة ولا نقيصة، ولا يستدعي هذا التحريض ولا يحتمل كذلك حديث الكراهية من بعض الكتاب الذين احترفوا الصيد في الماء العكر.
فأنا فيما اكتب اليوم لا اقصد الدفاع عن الاخوان المسلمين ولا غيرهم من الاحزاب، بل ادافع عن الديمقراطية وحق الجميع في ممارسة العمل الحزبي بكل ابعاده في اطارها، وما دمنا ارتضينا الترخيص للاحزاب فانه لا بد من تحمل تبعات ذلك بما فيه تطلعاتهم للمشاركة في السلطة والتأثير في القرار والتوسع في أخذ دور، وهذا الفرق بين منع تأسيس الاحزاب لعقود في بلدنا وبين السماح بانشاء الاحزاب واحترام خيارات القوى السياسية ورأي الشارع، وتوجهاته وهو الشارع الذي كان يوما يتأثر غالبية الناس فيه في مرحلة سابقة بالمد القومي والمد اليساري وفي هذه المرحلة لا أحد ينكر ان هنالك مدا اسلاميا تتأثر به نسبة من الناس لا يمكن تجاهلها، وهي كتلة لها وجودها وتأثيرها وأيضا جذورها وموقعها في المعادلة الاردنية، وهي لم تكن فقط جزءاً من مكونات المجتمع الاردني وتطوره السياسي والاقتصادي والاجماعي، وانما كانت جزءا من مكونات النظام السياسي عبر تحالف هو الانجح في المنطقة ولصالح الطرفين وهو ما لا يجوز العبث به..و..وألخ.(الدستور)
rakan1m@yahoo.com