ما قاله رئيس الوزراء في الجمعية الأردنية للعلوم السياسية!
أ.د.فيصل الرفوع
29-08-2011 06:39 AM
في محاضرة له أمام أعضاء الجمعية الأردنية للعلوم السياسية مساء الثلاثاء 23/8/2011، أكد دولة الدكتور معروف البخيت، على أن ما يعيشه العالم العربي اليوم من حراك سياسي وشعبي يتلمس طريقه لإنقاذ الإنسان العربي من التيه الحضاري والسياسي الذي يعيشه في بحر من التربص الخارجي وتضارب المصالح الدولية في وطننا العربي، هو أقرب ما يكون لبدايات القرن الماضي-العشرين. حيث تصادمت حركة النهضة العربية آنذاك مع سيل جارف من الأجندات الداخلية والخارجية التي لا تلتقي، ولا بأي حال من الأحوال، مع المبادئ الأساسية التي بني عليها الفكر السياسي التكويني للنهضة العربية وأهدافه السامية في الوحدة والحرية والحياة الأفضل، ومحاولته تلمس الطريق الصحيح لتجذير الهوية القومية ولملمة شعث الأمة، وإطلاقها من أغلالها، وإعتاقها من قرون التهميش والتبعية والتخلف والتغييب الفكري والإبداعي. ويبدو أن هذه المقاربة التي إستهل بها الدكتور معروف البخيت محاضرته في مكانها، وتجسد العديد من الحقائق المعاشة على أرض الواقع، خاصة ما يتعلق بالآخر، وتربصه بالأمة وخياراتها الإستراتيجية. وبالتالي فإن على الأمة وحراكها السياسي، أن يكون حذراً في تعاطيه مع المتغيرات الإقليمية والدولية، ووجوب المواءمة بين ذلك ومصالح الأمة الحيوية وحقها في الحرية وامتلاك الإرادة.
وهذا ما استوعبه، كل من القيادة الأردنية والشارع الأردني، وعلى حد سواء، في تعاطيهما مع نتائج ربيع الثورات العربية. حيث كان الحراك السياسي في غاية السلمية والتحضر، مما جعل الدولة نفسها تعمل جاهدة على حماية هذا الحراك وتسهيل مهمته من أجل الوصول إلى أهدافه. وفي نفس الوقت استوعبت القيادة الحقوق المشروعة للشعب الأردني، وعملت على ترجمة ذلك إلى واقع ملموس.
ومن هنا جاءت الإرادة الملكية السامية، مساء الثلاثاء 26/4/2011، بتشكيل اللجنة الملكية لإجراء التعديلات الدستورية الملائمة لحاضر ومستقبل الأردن، كبادرة حسن نية لإصرار الاردن وقيادته على المضي في الإصلاحات التي يناضل من اجلها الأردنيون باختلاف، إنتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية.
وقد أشار دولته إلى أن المعالجة الدستورية التي تم إنجازها، لم تقتصر فقط على ما هو مطلوب من قبل الحراك الشعبي وهو العودة لدستور ال 1952،. بل تم تعديل بعض مواد دستور 52 نفسه، خاصة المواد المتعلقة بإنشاء المحكمة الدستورية وطريقة حجب ومنح الثقة للحكومة، ومحاكمة الوزراء، وقانوني الأحزاب والانتخاب..الخ. حيث تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء وتحويلها لمجلس النواب لمناقشتها، مع إعطائها صفة الاستعجال.
أعتقد بأن هذا الأمر يمثل خطوة إصلاحية في الاتجاه الصحيح، علماً أنه ليس بوسع أحد أن يتجاوز حقيقة أن الدستور الأردني لعام 1952 يمثل أرقى أصناف الدساتير المعمول بها في العالم الثالث، خاصة في المنطقة العربية. بل أن هناك من يعتقد بأنه يمثل درجة متقدمة على سلم الدساتير الديمقراطية العالمية التي جاءت كنتاج لجهود الشعوب التي ناضلت في سبيل الديمقراطية وحقوقها الأساسية التي كفلتها الشرائع السماوية والأعراف الإنسانية.
وبالتالي، فإن ما يحصل اليوم من إصلاح دستوري في الأردن، لا يعني العودة لدستور1952 فحسب، هذا الدستور الذي جاء نتيجة للجهد المميز للشعب الأردني وقائده آنذاك الملك طلال بن عبدالله، بل يمثل دستوراً جديداً. يمكن تسميته، كما أشار دولته، بدستور الملك عبدالله الثاني لعام 2011. أعتقد بأن هذه الخطوة الدستورية تمثل خارطة طريق جادة من أجل حياة دستورية سلمية وسليمة وواعدة، وقطعاً لها ما بعدها، خاصة ما يتعلق بالمادة 129.
لقد تناول دولة الرئيس في محاضرته العديد من العناوين المهمة والحيوية، أردنياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، خاصة ما يتعلق بهيبة الدولة، والأفق العربي والدولي لدور أردني فاعل، وعلاقات متوازنة تصب في مصلحة الشعب الأردني.
alrfouh@hotmail.com
(الرأي)