(في 22/7/ 1987 اغتيل برصاصة غادرة رسام الكاريكاتير ناجي العلي الذي لاحقه «كاتم الصوت»، والذي طالما رسمه بأشكال مفزعة وقتله في أحد شوارع لندن بعد ان فر بريشته من بلاد العُرب الممتدة من الشام لتطوان ومن الخليج حتى المحيط ).لكنه قبل سنة تقريبا من مقتله اتصل معه الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش ودار بينهما الحوار التالي الديمقراطي التالي:
درويش : شو بشوفك مستلمنا هاليومين يا ناجي… حاط دبساتك على طحيناتنا.. شو في؟
العلي : يا عمي ما تزعل مني.. هاي الشغلة مش ضدك شخصيًا.. أنا ما في بيني وبينك إلا كل خير ومحبة.. وانت عارف؟
درويش : لا .. أنا زعلان بجد.. ليش كل اللي رسمته وكتبته ما بخليني أزعل؟
العلي : يا محمود إنت إلك حق تزعل.. لو أني ما تعرضت إلك وأهملتك.. مثل ما بهمل دائمًا الساقطين.. أنا انتقدتك لأنك مهم لشعبك، وأنت لازم تفرح.. مش تزعل؟
درويش : (بغضب مكتوم): مش أنت اللي بصنفني مهم ولا لأ.
العلي: يا عمي انتو بتقولوا بمد الجسور مع اليسار الإسرائيلي.. مدو زي ما بدكوا… بركي الجسور بتفيدكم مستقبلاً.. أما أنا وجماعتي فلا.. إحنا يا عمي إلنا جسورنا..جسورنا إحنا مع الناس المشردة.. ممدودة بخط واحد ما في غيره.. من باب المخيم لباب الحرم.. مع أهلنا في الداخل.. هاي جسورنا وما بنعرف غيرها.. وإحنا بننتقد كل واحد بيحكي هالحكي..
درويش (مهددًا): آه.. بس انت مش قدي يا ناجي.
العلي (مستعبطًا): شو يعني .. مش فاهم.. الشغلة صارت شغلة قدود.. قدك وقد غيرك.. والله أنا لما برسم ما بحسب قد لحدا.. وأنت عارف يا محمود؟
ثم بعد وصلة حوار تهديد من درويش واستعباط من العلي
قال درويش: هلا مش وقت المزح.. بدي ياك تفهم يا ناجي منيح اليوم.. إني أنا محمود درويش.. إللي قادر يخرجك من لندن في أية لحظة.
العلي: (ساخرًا بمرارة وحزن):
أووف… والله هاي جديدة يا زلمة.. بالله عليك بتعملها يا محمود؟ وشو هالسلطات اللي صارت عندك.. على كل حال انتو يا عمي السلطة.. انتو الدولة والشيلة هاي مش أول مرة بتصير ولا آخر مرة.. مش عملتوها قبل سنتين في الكويت وخرجتوني؟ وقبلها قال الختيار (عرفات) في ثانوية عبد الله السالم في الكويت في الـ 75 أنو راح يحط أصابعي في الأسيد إن ما سكت.. بعدين هالشغلة صارت مش فارقة معي هالخد صار معود عاللطم.
هذه المقتطفات من حوار تليفوني جرى بين "ناجي العلي" و"محمود درويش" وقد روى العلي ملخص الحوار مع درويش في حوار نشرته مجلة الأزمنة العربية (عدد 170 /1986/ ص14) وجاء هذا الحوار عقب رسم كاريكاتيري للعلي انتقد فيه درويش الذي دعا إلى مد الجسور مع اليسار الإسرائيلي.
ولا ننسى ردود درويش القاسية على منتقديه حول الأمسية التي دعي الشاعر الفلسطيني لإحيائها في مدينة حيفا قبل أيام قليلة .
وأنا اردد معه:
يحكون في بلادنا ’يحكون في شجن
عن صاحبي الذي مضى وعاد في كفن
كان اسمه ،لا تذكروا اسمه
خلوه في قلوبنا ،لا تدعوا الكلمة
تضيع في الهواء كالرماد
خلوه جرحاً زاعقا لا يعرف الضماد
طريقه إليه
.........................................................
الكاتبة أردنية وتكتب خصيصاً ل"عمون".