سهير جرادات
في ظل الأحداث المتسارعة ، وتصاعد التوتر والإحتجاجات في الوطن العربي ، فإن المسرح العالمي أصبح مؤهلا وبقوة لاستقبال نبوءة الحرب التي تنبأ بها المتنبئ الفرنسي " نوسترداموس " في كتابه " النبؤات " الذي ألفه منذ أكثر من أربعة قرون باندلاع الحرب العالمية الثالثة مع حلول عام 2012؟! .. .
هذا التوقع يجعلنا أمام حالة من التغيير، كما حدث عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية، اللتين غيرتا العالم بصورة جذرية ، وكانت سببا لتوحيد اوروبا ، وجعل أمريكا كقوة عظمى ، وإنشاء مجلس أمن بأقطابه الخمسة.
والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة ،التي يشوبها حالة من الضبابية ، وفي ظل المؤشرات التي تمر بها المنطقة : ما التغيير الذي ينتظرنا بعد أن بزغت أولى بوادر هذه الحرب التي تنبأ بها ذلك المتنبئ ؟!..
ولو نظرنا إلى خارطة الشرق الاوسط الجديد ، سنجد الإجابة ، المتمثلة في إعادة تصحيح أو تغيير الحدود الدولية ، والتي تستدعي لتحقيقها ، توافقا لإرادات الشعوب ، التي قد تكون مستحيلة في الوقت الراهن ؟!.. لإن تنفيذها يتطلب سفك الدماء للوصول إلى هذه الغاية ، بحيث تستغل من قبل الإدارة الأمريكية وحلفائها ، لتضمن لإسرائيل العيش بهدوء وسلام مع جيرانها العرب ،الذين ستشغلهم أمورهم الداخلية .
أما الدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع، وحسب ما نشرته مجلة أمريكية لخارطة الوطن العربي بعد التقسيم في العام 2006 وهي : إيران, تركيا, العراق, السعودية وباكستان وسوريا والأمارات, و دول سيتم توسعتها لأغراض سياسية بحته وهي : اليمن، الأردن وأفغانستان، وستنشأ دولة جديدة على مساحة الأردن القديم بعد أن تقطع أراضي لها من السعودية ، وربما من فلسطين المحتلة لتضم فلسطيني الداخل وفلسطيني الشتات وتحمل اسم (الأردن الكبير).
ولا نعرف إن كان الحراك الشعبي الذي حدث في العالم العربي ، والذي بدأ من تونس ثم مصر والبحرين ، وتواصلت الاحتجاجات الشعبية لتمتد إلى اليمن وليبيا وسوريا ، ودول عربية أخرى تنتظر ، سيفرز عالما جديدا ، أو وضعا مختلفا في بنية العالم العربي ، وخاصة أن الثورات الشعبية العربية ، حملت أسماء مختلفة مثل : ثورة الجياع ، وثورة الفقراء ، والربيع العربي ، وثورات أخرى تطالب بالاصلاح والتغيير ووو ..
واثبتت هذه الثورات أن زمن الانقلابات العسكرية التي تصدر " البيان رقم واحد " ، وسيطرة القوات العسكرية على محطة الإذاعة والتلفزيون ، قد ولى.. ولم يعد ينفع مع الشعوب ، التي لم يعد أيضا بالإمكان الضحك عليها ، بعد أن وصلت الى درحة من الوعي والنهوض الفكري .
ولكن الخوف ، ولا ندري ما صحة ذلك ، إن كانت الدول العظمى التي فشلت فشلا ذريعا من خلال مشاركتها في قوات التحالف للحفاظ على أمن واستقرار العراق ، وفي افغانستان ، ومن قبلها في فيتنام ووو .. وجدت أن الوسيلة الجديدة للسيطرة على الدول الضعيفة باستغلال شعوب الدول المحتلة ، أي بمعنى آخر أن تدار الحروب من قبل أبناء شعوب الدول ذاتها ، وربما نجحت بالفعل بادارتها لما يدور في المنطقة من أحداث ، تخدم مصالحها ، من خلال نهضة التقدم العلمي ، واستخدام الوسائل التكنولوجية ، بحيث حولت التسلية إلى سياسة ، لتضعها في خدمة هذه الشعوب – ومن دون أن تدري- لتنفذ أهدافها ومخططاتها ، فظهرت لدينا ثورات "الانترنت" ، التي قادت التغيير الدول العربية .
ورأينا كيف حرصت الدول المتقدمة على امداد الشعوب الثائرة على وضعها المتأزم بعد تفشي الفساد فيها ، بالإمدادات التكنولوجية ، التي ساعدتهم على الإستمرار بثوراتهم ، فتسليح الجيوش وتزويد الثوار بالأسلحة لم يعد ذا أهمية ، فأدوات الحرب ؛ تحولت إلى أدوات تكنولوجية ، ابتكرها الغرب ليسهل لهم تنفيذ مخططاتهم ، ولكن هذه المرة المنفذ ببصمة الشعوب ذاتها ، خدمة لمصالح من ابتكرها !..
وعودة لشأننا المحلي أو ما يسمي ب ( الاردن الكبير ) ، فقد أخذت الحركات "الفيسبوكية " الظهور بنشاط أكبر مطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد ، وبعضها مع.. !، وبعضها ضد .. !، وظهرت تكتلات جهوية ، وتكتلات فئوية ، وأخرى عشائرية ، وغيرها حزبية ، ومثلها شبابية ونسوية .. الأمر الذي نجد أنه لزاما علينا أن نبدي تخوفنا ، وأن نطلق تحذيراتنا من ما سيأتي ، والمطالبة بعدم اغفال ما يدور لدينا وحولنا ، وأن نأخذ الأمور بمحمل من الجد .. فالأمور تسير بنا في طريق ومستقبل مجهول ..
نأمل أن لا تتحق نبؤات ذلك الفرنسي "نوسترداموس" الذي فشل من انقاذ بلاده من مرض الطاعون الذي تفشى بها، رغم أنه كان طبيبا .
Jaradat63@yahoo.com