في ضبع قوى الفساد المتنفذة!!
28-08-2007 03:00 AM
عندما كانت الضباع تدهم حظائر القرى، وتخطف الخراف والأغنام، كانت النخوة العارمة والفزعة الزلزالية تدبان في دم الرجال، فبعد أصوات الاستغاثة المجروحة النداء المحموم، كان الرجال يقسمون يميناً غليظة، أن ينالوا من هذه الوحوش اللعينة الغشوم، بل وسيأتون بها مجرورة؛ لتصنع النعال من جلدها الثخين!!.وهكذا، وبعد أن يعدوا عدتهم، يهبون كالريح العاتية يطاردون الضبع في المغاور وبطون الجبال، مشمرين عن عنفوانهم النزق؛ فيقصّون أثرها على صفحات التراب والدروب، ويتبعونها في طريق هروبها، حتى ولو وصلوا وجارها (بيتها في المغارة)!!.
لكن كان يصدفُ أحياناً، أن بعضاً من الرجال المطاردين يتلبّسهم لباس الفزع ورداء الخوف، من قبل أن يواجهوا تلك الضبع، لكنهم ومن باب التجمل والتحمل يوارون هذه الرهبة ويخبئونها، لكن آثار الأقدام تقودهم فجأة، وتضعهم وجهاً لوجه مع الضبع اللائذة بفريستها، وراء صخرة كبيرة أو خلف شجرة مشتبكة!!.
وبما أن الخوف يلجمهم ويمنهعم من قتلها، فإنهم كان يتظاهرون بعدم رؤيتها، ويتعامون عنها عن كامل قصد!، بل وإمعاناً بالتعامي والتغافل، فإنهم يعيدون قصّ الأثر مرة أخرى من جديد، فيما الضبع ماثلةً أمامهم تبرق بعينيها، علها تولي هاربة، وتريحهم من وعثاء المواجهة!!.
وإذا كانت مطاردة الضباع لا تحتاج لكثير من طول النفس، وكثير من المكابرة على لجم صهيل الخوف، وكبت جموح الرهبة، فمكافحة الفساد والمفسدين لا بد وتحتاج لهذه الثيمات الهامة تحديداً، فلا نريد أبداً لمن يطاردون ويلاحقون ضباع الفساد الغشومة في ربوعنا، أن يدب فيهم نسغ الخوف، فيصابون بالتعامي والتغافل والتحايل على المحسوس والملموس، أو أن يعمدوا إلى قص الأثر، مرة إثر مرة، عل الفاسدين يهربون بما غنموا؛ فيريحنا من مطاردة صعبة لا نحب أن نقوم بها، ولا نريد لرجالنا أن يتحججوا بقصر النظر، فالحقيقة شمس تموزية!!.
ما نريده في هذا البلد الطيب، الذي يبدو لي أنه شمر عن همته لملاحقة المفسدين، ما نريده أن نواجه خوفنا من نفوذهم، بكل بسالة وصرامة، وأن نلاحق ضبعهم حتى وجارهم، ونسحب الخروف المقضوم من بين أسنانها، ونعود بجلدها لنصنع منه نعالاً تذكارية تسير بنا نحو هدف واضح وصريح، أن ما من أحد فوق القانون!!، وما من أحد إلا تقدر عليه يد العدالة وتطوله حتى ولو كان محتميا بحضن البركان!!.
ramzi972@hotmail.com