"جبر"..حكاية شعب..و"يتئلب على نار الجمر"!
اذا اراد باحث دراسة الحالة الاقتصادية لغالبية شرائح المجتمع الاردني, فأنه يرى بوضوح ان هذه الحالة تعد الرقم واحد في اهتمامات المجتمع, خاصة لذوي الدخل المحدود, وبالطبع في المقدمة منهم شريحة الموظفين, في القطاع العام, قبل القطاع الخاص.
وسيرى الباحث; في اول خطواته حجم "التأوه" الذي تطلقه حناجر الشعب, الذي يعاني في غالبيته الساحقة من وثنية الفقر, الذي يسعى الى قلب معادلة الناس, واعادتهم الى المربع الأول من الأمنيات في بدء حياتهم, والدخول في مقارنة بين الأمس واليوم, ضمن دائرة الايرادات والنفقات الشهرية للأسرة .
حالة الغليان الشعبي, مردها في المقام الاول الى جمر الفقر, المختبئ خلف ضلوع الناس, وتحت وسائدهم, مستخدما اسلوب التأجيل قبل ان يصل الى حالة الثوران والتأجيج, مستندا الى حالة من التفاؤل, ضمن مرجعية: "ان غدا لناظره قريب" .
وليس غريبا ان ينتقل المجتمع بمكوناته واسعة النطاق, الى ما هو أكبر من الغليان ليدخل مرحلة "الثوران" على حالة اقتصادية تتفاقم يوما بعد يوم, واحتياجات تكبر يوما بعد يوم, ومستلزمات حياتية تتسع يوما بعد يوم, وتفاصيل اقتصادية تدخل الى اجواء الاسرة الاردنية بحكم الحاجة الى ضرورات نواكبها يوما بعد يوم.
الواقع الاقتصادي الاسري المتردي; يتخذ منهجين: الاول يتمثل في حجم النفقات الضرورية للاسرة على مدار الشهر, بعيدا عن أي "رفاهيات", تحرّمها الأسرة على نفسها, على حساب الاولويات والضرورات . والثاني يتمحور حول ثبات الرواتب, وهذه قصة قديمة جديدة, طرحتها وسائل اعلام, واعترفت بها جهات رسمية, معتبرة ان دخل الموظف (العادي) الشهري لا يكفي سوى اقل من ربع الشهر,امام حالة الهيجان في الاسعار التي اصابت كل ضروريات الحياة, ولم تستثن أي شيء بالمطلق!
ليس غريبا, ان يسمع المرء, في المسيرات الليلية,او في مجالس الناس, شعارات تجيء على شكل "مزحة " فحواها: "الشعب يريد 100 دينار", رغم الاعتراض على فكرة "الأعطيات" كبديل "للواجبات", واختصاص الدولة في اجراء عملية متناغمة توازي بين حجم النفقات قياسا بالايرادات, المتصلة بتفاصيل حياة الناس الضرورية .
لعل أهم وابرز واجبات الدولة, هو حماية المواطن من هيجان الاسعار, وحمايته من غيلان تتحكم بقوت الناس, وابقاء يد الرقابة مسلّطة على الاسعار ولجمها, كما تفعل دوائر جباية المال من المواطنين وتعظم من انجازها ولا تتهاون بأي شيء يعد حقا للدولة.
ويعطي القول الشعبي الموروث المعروف باسم"جبر والقبر"الذي يحمل في مضمونه دلالة على "الغلب"بعدا اضافيا لقالب اجتماعي درامي يعيشه الناس في غالبيتهم, غير انهم يأملون بنهاية مغايرة لما كانت عليه قصة "جبر ".. يأملون الا ينزلوا الى القبر وما شافوا ولا يوم مسعد في حياتهم .!!تلك هي الحكاية التي ترفد الناس بجمر اضافي, يزيد من حالة الغليان ..وعلى رأي الست كوكب الشرق: "اتئلب على جمر النار"!.
adnandyab@yahoo.com
adnan.nassar@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)