خلق الله آدم واستخلفه في الأرض ليعمرها وهيأ له بيئة نظيفة خالية من التلوث والإزعاج، ولكن الإنسان على مر العصور لوث البيئة المحيطة به عن قصد أو غير قصد فمنذ أن عرف النار إستخدمها لأغراضه مثل الطهي وصهر المعادن والإنارة والتدفئة وحرق الغابات، حتى بدأت البيئة المحيطة به تتلوث، ولكن هذا التلوث كان محدودا لا يتعدى المحيط الذي يعيش فيه.

أما في عصرنا الحديث فأصبح للتلوث عدة أشكال والتي يعتبر أحد أبرزها التلوث البصري المزعج الذي يسبب إرهاقا بصريا في حين يعده العديد من العلماء الغربيين واحدا من أمراض العصر الحديث.. بينما يبدو أن هذه المسألة ما تزال غائبة عن الأذهان عندنا، رغم أهميتها ورغم انعكاسات التلوث البصري المزعجة وخاصة عندما نراه يغزو مدننا وقرانا !!.

التلوث البصري هو كل ما نراه من أعمال من صنع الإنسان تؤذي الناظر وتزعجه لدى مشاهدتها وتكون غير طبيعية ومتنافرة مع ما حولها من عناصر أخرى، فهي ملوثة للبيئة المحيطة بها ؛ ويأتي التلوث البصري عادة نتيجة للإهمال أو سوء الاستعمال والتخطيط والتصميم، أو حتى لسوء السلوكيات الاجتماعية !!.

وكم نشعر جميعا بالانزعاج عندما نشاهد الغسيل المنشور في بلكونات المباني السكنية بشكل يشوه الواجهات، وكذلك عندما نشاهد ظهور قضبان حديد التسليح على أسطح المباني، هذا بالإضافة إلى انتشار صحون التـقاط البث الفضـائي بشكل كثيف وعشوائي على الأسطح وعلـى الواجهات... لذا فإنه لا بد من اتخاذ تدابير سريعة وشاملة للتخلص من الخطر الذي بات يهدد مدننا والذي يزداد تأثيره السيء والمزعج يوميا.

أما النوع الأخر من التلوث فهو التلوث السمعي أو الضوضاء، فالكثير من الناس يشكون من عدم قدرتهم على النوم حتى في ساعات الليل !!.. وذلك نتيجة للضوضاء العالية التي تصدر من الجيران ومن الأطفال الذين يبقون لساعات الصباح الأولى وهم يطلقون الألعاب النارية دونما مراعاة لا لمريض أو لجار أو لشيخ مسن.. غير متناسين أبداً أبواق السيارات المزعجة التي تصدر من السائقين الذين يظنون أنها ضرورية كي تسير مركباتهم على الطرقات !!.

إن للضوضاء أضراراً عديدة وخطيرة.. فضوضاء الشوارع بالمدن تؤثر في الدورة الدموية، إذ تتسبب في اضطرابات في وظائف القلب ورفع ضغط الدم، كما وتنشئ اضطرابات في الجهاز العصبي.. لذا فانه من المهم أن نعي جميعا المخاطر الصحية التي تسببها الضوضاء والإزعاج لحياتـنا، فالضوضاء تعمل على زيادة تقلصات المعدة والنقص في إفرازاتها.. كما وتوجد أمراض مصاحبة للضوضاء تتمثل في الآلام العصبية والصداع الذي يؤثر على كافة أعـضاء الجسم.. فاستمرار الضجيج وارتفاع الصوت المزعج عن المعدل الطبيعي يؤدي إلى نقص النشاط الحيوي والقلق وعدم الارتياح الداخلي والإرتباك!!.

إن الفضـاء الصوتي والبصري ليس ملكا شخصيا لأي منا.. لذا يكفي إزعاجاً للآخرين من حولنا !



www.diananimri.com

(الرأي)