مجرد أنة التوجع (أخ) أصبحت توجع البعض ، فلا يريدون سماعها ، أخ هي تعبير عن الشعور بالألم ليس إلا ، ليست دعوة للتمرد ولا للعصيان ، إنها شعور كامل بالرضى بما كتب علينا ، تسليم بقضاء الله وقدره ، أخ فحسب ، استنجاد بأخ لك ربما لم تلده أمك ، إنها أخ وليست آآآخ ، دعوا لنا فسحة من التألم والشكوى فحسب ،أخ على غلاء الأسعار ، ذلك الغول المتمدد ولا تنفع معه لجان ولا إجراءات ولا احتياطات ، بلاء طام وعام يدفع ثمنه المعدم والفقير والوزير النظيف، أخ على الدم المسفوح لحظيا لا يوميا في العراق ، موت مجاني مجنون بلا حساب ، دوام مقيم لعزرائيل ومساعديه ، ألم يمل هؤلاء من قبض الأرواح؟ هل بقيت أكفان وسيارات نقل موتى؟ هل بقيت مساحات للدفن؟ ألم يضجر القتلى من الرحيل؟ ألم يضق المجرمون ذرعا بارتكاب جرائمهم؟ أخ على فلسطين ، هل بقي ثمة شيء يسمى فلسطين؟
إلى أين تمضي الفصائل المتناحرة والاستقلالات الملتبسة؟ ثمة حكومتان بلا وطن ، ووزراء بلا وزارات ، وقوانين ومحاكم وشرطة ومدعون عامون ، ولكنهم كلهم في سجن كبير ، اخ كبيرة نطلقها من اعماق الأعماق،
أخ في لبنان ، خطان متوازيان من العناد والإصرار على الاستئثار بوطن فسيفسائي منمنم ، متشظ ، أخ على بلد كان يوما رئة لتنفس الأحرار والمضطهدين والهاربين من نار القمع ، فأصبح منجما للقهر والتفجر والتوجع اليومي،
أخ على الجامعة العربية وأمينها العام الحالم بربع الساعة الأخير ، جامعة لم تحمل من الجمع إلا اسمها ، غدت عنوانا لفشل العرب وخيبات النظام السياسي العربي الرسمي،
أخ على الفن والفنانين ، الذين أضحوا مناجم لانتاج الرذائل والفسق والفجور ، وقليل منهم من يشعر برسالة الفن وسموها ، فيعفون عن الانزلاق في مهاوي الهدم والتخريب،
اخ على التعليم ، حين تحول إلى مجرد سلعة يستهلكها الأغنياء أو يشترونها بملايينهم ، باسم الاستثمار،
أخ على أيام زمان ، حين كانت الناس تعيش ببساطة أخلاق القرى فلا ينام امرؤ جائع ، ويسبح صحن الطبيخ إلى بيوت الجيران ، فلا يشم محروم رائحة طبخة جيدة دون أن يكون له منها صحن،
اخ على الأدب والشعر الأصيلين ، حين كانت العرب تحتفل بمولد مبدع ، لا أن يضطر كاتب كبير إلى تنظيم "لمة" من أصحابه كي يدفع غرامة حكم بدلا من بيع أثاث منزله،
أخ على الفقراء الذين يتكاثرون كالقمل ، ويضطرون للدفع من ملاليمهم لزيادة أرصدة أصحاب الملايين ، تحت مظلة قوننة يضعها الأقوياء، أخ ومليون أخ ، حين يتحول العرب إلى شراذم تقدس حدود سايكس وبيكو ، حتى أن البعض بات يدعو لإقامة تمثالين لهذين الأعجميين ، لفرط الاعتزاز بخطوطهما التي امتدت إلى وجداننا ولم تبق خطوطا على الخرائط الورقية ،
أخ ، دعونا نقولها بملء ألمنا ، كي لا تبقى في أعماقنا فتتحول إلى خراج وطني يتخمر ويتحول إلى "بترول" حارق ساحق ماحق ، كما يتشكل النفط من بقايا الأشجار والمواد العضوية في أعماق الأرض الملتهبة، سنقولها ، شئتم أم أبيتم ، سرا أو علانية ، لأنها حق من حقوق المقهورين والغلابى ، أعلنت أم لم تعلن ، فهي مقيمة فينا كما كلمة السر التي لا تخرج إلا بإرادة صاحبها ،
al-asmar@maktoob.com