تنظيمات العصابات وفرض الخاوات !
هاشم خريسات
25-08-2011 03:19 AM
تساؤل يتردد على نحو مشروع خلال السنوات الاخيرة فيما اذا كانت الجريمة المنظمة قد وصلت الى الاردن على اختلاف صورها واشكالها, ام انه ما يزال بعيدا عنها تماما لان طبيعة المجتمع الاردني غير مهيأة اصلا لاحتضان مثل هذا النوع من الجرائم لاعتبارات مختلفة, لكن الظواهر الاجرامية الطارئة باتت تتخذ مسارح واشكالا والوانا من استباحة الارواح والاموال لم تكن معهودة على هذا النحو من قبل, مما يوحي بان تطورات جديدة في هذا المجال اخذت تفرض نفسها على الساحة الاردنية, ويفترض من خلالها اعادة النظر في الحسابات المسلم بها بان الاوضاع طبيعية لغاية الان, مع ان الحوادث المتكررة الماثلة للعيان تدحض الكثير منها وتعطي شواهد حية على ان ما يحدث ليس بعيدا عن التنظيم الجرمي ! .
ماذا نقول في العصابات التي تتخذ من بعض احياء العاصمة والمدن الرئيسية الاخرى مركزا لادارة اعمالها من سرقة واعتداءات على الناس لفرض ما تريده منهم, وتحويلها بعض المناطق السكنية الى بؤر ساخنة تجمع اصحاب السوابق وما يسطون عليه في مكان واحد, ليمارسوا افعالهم التي لا يقرها عرف او قانون تحت السمع والبصر, حتى اضطرت ادارة الامن العام الى القيام باكثر من حملة مداهمة من اجل احتواء هذه الظاهرة غير المسبوقة, وعلى الرغم من ذلك فلا تزال الحالات موجودة في اماكن اخرى وبأساليب متنوعة تؤكد ان الوضع ما زال على ما هو عليه ! .
الطبعة الجديدة من حالات الخروج على القانون التي استشرت في هذه الايام, هي ظهور تشكيلات من فارضي الخاوات على المحلات التجارية, استطاعت من خلال الاعتداء على اصحابها وتحصيل الاموال منهم رغم انوفهم, ان تشيع في مدينة المفرق وهي مركز محافظة لها اهميتها حالة من الرعب سادت الاسواق والاحياء السكنية على مدار الايام العشرة الاواخر من شهر رمضان المبارك, التي يتفرغ فيها الصائمون عادة الى العبادة وقيام الليل تطلعا الى ليلة القدر, ولم يدر في خلدهم ان يكون الخروج على القانون قد وصل الى هذا الحد من الاستباحة للانفس والاموال من دون مواجهة امنية على ذات المستوى من التطاول ! .
فرض الخاوات ليس جديدا كما هو معروف لكنه اتخذ اسلوبا منظما لم يعد في الامكان انكاره وعدم الاعتراف به, بعد ان اصبحت الحالات الفردية التي كانت مجرد تغطية لعمليات الجباية التي تتخذ طابع التسول واستمالة القادرين لدفع ما تسمى الصدقات رغما عنهم, تتخذ طابعا جماعيا من قبل اصحاب السوابق وغيرهم لكي يعيثوا في الارض فسادا وان يقوموا بتخريب كل ما تصل اليه ايديهم وترويع جماعات كبيرة من المواطنين عن طريق اشهار الادوات الحادة وغيرها في وجوههم اذا لم يدفعوا بالتي هي احسن, وهذا ما حول قلب مدينة المفرق وقبلها بعض مناطق في مدينتي اربد والزرقاء وغيرهما وحتى العاصمة ذاتها الى مخلفات تخريب لا يمكن التصديق الا انها ناتجة عن حرب شوارع ! .
ما يحدث من فوضى في هذا الشأن لا يستدعي دفن الرؤوس في الرمال والاستهانة بما يجري على اعتبار انه احداث عادية يتم التعامل معها بالاساليب التقليدية القائمة على الحملات الامنية التي يجري شنها بين فترة واخرى, بل لا بد من التعامل مع وصولها الى هذه الدرجة من التنظيم والقسوة في التنفيذ وفرض الامر الواقع على درجة عالية من التقصي والتحقيق في اسبابها وملابساتها وتحليل ابعادها من مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والامنية, للتوصل الى اسلوب رادع ما زلنا نفتقد اليه في احتواء الجريمة سواء كانت فردية او منظمة ! .
Hashem.khreisat@gmail.com
العرب اليوم