أبو هلالة يكتب : رقي الثورة الليبية وانحطاط العقيد
ياسر ابوهلاله
24-08-2011 09:58 AM
يستحق العقيد وأنجاله وزبانيته العدالة لا الرحمة ، فحجم ما ارتكب من مجازر بشكل متواصل ومنهجي على مدى عقود حكمه العجاف يتطلب قصاصا عادلا، وهو ما يعزز قيم العفو والتسامح والرحمة والصفح ، وفرق بين العدالة وتطبيق القانون وبين الانتقام وإراقة الدماء بدون محاكم.
كانت لحظات مرعبة عندما سمع صوت التشهد من ابن العقيد الأكبر محمد مع صوت إطلاق الرصاص. صحيح أنه صاحب سجل إجرامي لكن ذلك لا يسمح بتصفيته بعد إعطائه الأمان. لقد أثبت الثوار في يوم فتح طرابلس أنهم على هدي المصطفى يوم دخل مكة في مثل هذا اليوم ، وعندما قيل " اليوم يوم الملحمة " رد النبي الكريم " اليوم يوم المرحمة ".
تبين أن حرس محمد قتلوا واحدا من الثوار ، ومع ذلك التزم الثوار بالأمان، ولم يقتل أحد من أبناء القذافي، مع أنهم غرقوا في دماء الليبيين هم ووالدهم. وسيواجه هو ومن يعتقل من العائلة الحاكمة والمسؤولين محاكمة عادلة تنصف عشرات الألاف من الضحايا سواء من قتل أو اعتقل أو شرد.
في رمضان عام 84 نفذ نظام العقيد أحكام الإعدام في مشهد فظيع بث على التلفزيون الليبي على الهواء في ملعب نالوت ، لإعدام شابين إسلاميين وهما احمد على سليمان وخليفة على زكرى قال معلقا على الإعدام (الجماهيرية الصادرة يوم 7/9/1984 ص 20: "نحن لن نرحم أياً من هؤلاء الكلاب الضالة،ولن نتردّد في سحقهم..هؤلاء المرتزقة قد انتهوا نهاية مخزية..لقد تم تفطيسهم في رمضان كما تفطّس القطط. شفتوا الإعدامات زي السلام عليكم في شهر رمضان لا يهمني في رمضان لا حرام ) ”الكلاب الضالة..أولاد كلب..تم تفطيسهم في شهر رمضان،والله زي ما يفطسوا في القطاطيس.
هذا نموذج من أفعال النظام الذي استباح الشعب وبدد ثرواته ، وفي غضون الثورة ضاعف جرائمه التي شاهدها العالم ، في حين أن جرائمه السابقة لم توثق بعد ، وسيكون هذا دور المحكمة الأساسي.
مقابل هذه الصورة الموحشة تسطع صور الثوار الأبطال، تصرفوا بسمو وعفو وتسامح ، على رغم ما ذاقوه على يد الكتائب. إنهم ثوار الشعب الليبي الذين وقف المجتمع الدولي معهم.
نعم ساندتهم ضربات النيتو الجوية،تماما كما ساند من قبل البوسنيين في مواجهة مجرمي الصرب. توجد للعالم مصالح ، وهو يطمع بثروات ليبيا ، لكن المجتمع الدولي ليس مجردا من الأخلاق .وإن كان المجتمع الدولي خذلنا مرارا فهو في هذه المرة يستحق الشكر.
لولا التدخل الدولي لتعرض الليبيون لحرب إبادة ولسحقت الثورة ، تماما كما سحقت حماة في عام 1982، واللوم يلقى على العرب الذين كان بإمكانهم أن يقوموا بهذا الدور. وبكلفة أقل ، كان يفترض أن يقوم بالغارات سلاح الجو المصري والأردني والمغربي والسعودي ولكن العجز العربي هو ما يفتح الباب للتدخل الدولي.
أهدى الشيخ ونيس المبروك النصر للشيخ أحمد ياسين ولإسماعيل هنية ، وهو بذلك يرد على من يحالون إدخال إسرائيل إلى ليبيا ، في المقابل كان سيف الإسلام -كما رامي مخلوف -يستجدي الإسرائيليين ويحذرهم من هيمنة الإسلاميين .
لن تكون ليبيا تحت الاستعمار، المقايضة بين الاستبداد والاستعمار لم تعد قائمة، هما وجهان لعملة واحدة. والاستبداد أسوأ. لقد نجح الثوار في الاختبار الأول بعد دخول طرابلس، على رغم الخبيبات التي مروا فيها. ومقارنة بالثورات يعتبر انتصارهم وبوجود السلاح ، الانتصار الأبيض الوحيد. في الثورة الفرنسية قتل ألفين قسيس ، في كوبا قتل بحسب " كتاب الشيوعية الأسود" الذي ألفه شيوعيون نقديون 14 ألف على يد فرق الموت بعد انتصار الثورة.
الشعب الليبي انتصر ، وسيقيم دولة العدل والحرية والمساواة. ولا عزاء لمرتزقة القذافي وحفاظ الكتاب الأخضر .