لا سبيل إلى فهم ما يجري في المنطقة، على أساس نظام راحل وآخر ينتظر!!. ومصير الرئيس الأسد لا علاقة له بمصير معمر القذافي. وما يمكن أن ينتهي إليه الحال في اليمن لا يشبهه أي تغيير حدث في مصر أو تونس. فهذه تفاعلات داخلية تحكمها قوى النظام الأمنية، وقوى المؤسسات الشعبية والحزبية!!.
الكلام في الربيع العربي على أنه حركة واحدة، تتشابه فيه الثورات كما تتشابه الأنظمة، هو كلام أقرب ما يكون إلى التمنيات، خاصة حين يصبح جزءاً من دعوة الوحدة القومية. مع أن حركات تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا لم ترفع أبداً الشعارات العروبية القومية.. وكانت على العكس لها مظّان إسلاموية، أو ليبرالية. فالديمقراطية هي الشعار البديل للدكتاتورية، والشفافية والنظافة هي الشعار البديل للفساد.. ولعل الحركات الإسلاموية حصدت تأييداً خاصة على اعتبار أن الرجال الأتقياء المؤمنين هم أفضل.. وأقرب إلى الدين وإلى الله!!.
في مصر وتونس لعب الشباب المسيّس وغير الحزبي الدور الأول في حشود الاحتجاج.. وتبعتهم الحركات الدينية، والليبراليون في مجتمع الخدمات والتجارة!!. لكن الذي حفظ التوازن في الحالين كان الجيش، وقد يعرف المراقب العادي دور الجيش المصري.. لكنه لا يعرف الكثير عن دور الجيش الوطني التونسي في الامساك بالزمام!!. وهذا لم يكن حال ليبيا. فالجيش كما أراده القذافي الخارج من المعسكرات عام 1969، مقسّم أمنياً، وليس عسكرياً مع التسليح المكلف الذي دعّمه. وقد لا يتذكر الكثيرون هزيمة الجيش الليبي المنكرة بدباباته الثقيلة في الصدام مع ثوار تشاد المسلحين بالكلاشن، وبالسيارات «البيك اب» السريعة القادرة على اجتياز مساحات الرمال الهائلة في جنوب ليبيا!!.
لم يستطع الجيش الليبي أن يمسك بالزمام ووجد الثوار الشباب انهم قادرون بسلاح خفيف حماية مظاهراتهم، وتحول الآلاف إلى ميليشيا شعبية كانت بمساعدة طيران حلف الأطلسي تدمير الجيش الليبي واحتلال مدن الساحل بسهولة.
إن تنبؤ وزير الخارجية الفرنسي بأن سقوط القذافي سيؤثر على بشار الأسد ونظامه، هو تنبؤ متسرع لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار دور الجيش السوري في الصراع بين الجماهير والنظام!!.
الرأي