ما زال يصر بعض المسؤولين على ممارسة الفهلوة في ادارة الشأن العام واحداث سلوكيات من شانها تشويه صورة مؤسسات لطالما حظيت باحترام المجتمع باعتبارها مرجعية يحرص الجميع الحفاظ على هويتها ودورها الحيوي.
في هذا الاطار لا بد لي ان اذكر القارئ بكيفية قدوم بعض الاشخاص للاردن وتحالفهم مع بعض المتنفذين وتسويق انفسهم على اعتبار انهم من كبار المستثمرين حيث تجري ترتيبات خاصة بهم على مستوى الدولة للحصول على امتيازات وحوافز غير قانونية, لا بل تشاهد مسؤولي الدولة من مختلف مناصبهم يتقدمون هؤلاء الاشخاص ويضغطون على مختلف الاجهزة الرسمية لتسهيل مكتسبات هؤلاء الاشخاص الذين ثبت ان معظمهم ليس له علاقة برجال الاعمال وما الا صائدو فرص يستغلون حالة التشرذم في القطاع العام والابتعاد عن المؤسسية في القرار للحصول على مكاسب شخصية اولا واخيرا.
قبل سنين قليلة استطاع موظف في الدولة وتحديدا في سنة 2005 الضغط على مجلس الوزراء حينها لاصدار اربعة قوانين مؤقتة وذلك بهدف بيع اراضي تل الرمان الى جهة وبطريقة ملتفة على الحكومة وبمبلغ سبعة الاف للدونم, ولولا صحوة "العرب اليوم" وكشفها الموضوع لحصلت الصفقة المشبوهة حينها.
ولا احد ينسى كيف منحت امانة عمان أحد المتنفذين غير الاردنيين اكثر من 100 دونم في منطقة شارع المطار بحجة انه سيستثمرها ليتفاجأ الجميع ان الشخص يبحث عن بيعة للارض.
والكل يتذكر قصة شركة بنيان التي ارادت ان تبني برجين في عمان وضغطت بالتعاون مع مسؤولين غير حكوميين للحصول على 40 دونما من اراضي الدولة مجانا, وقد فضحت "العرب اليوم" القصة بعد ان اكتشفت ان تلك الجهة تقدمت بطلب للحصول على تمويل كامل للمشروع من البنوك الاردنية, اي ان المستثمر لا يدفع شيئا ولا يقدم شيئا فالارض من الحكومة والتمويل من البنوك المحلية.
قبل اشهر, امتلأت صفحات الجرائد باخبار شركة كابيتال الكويت التي التقى مسؤولوها وسائل الاعلام ليعلنوا عن اقامتهم مصنعا لطائرات الهيلوكبتر بقيمة 250 مليون دولار, وانشاء صندوق لتمويل المشاريع الصغيرة بقيمة 70 مليون دولار, وقدموا انفسهم باعتبارهم صندوقا لاستثمار اموال العائلة الحاكمة في الكويت وانهم لا يعملون الا في اوروبا وامريكا واستثماراتهم تناهز الثلاثة مليارات دولار, وبعد طول انتظار وتأخر انجاز المصنع والصندوق تبين انهم غير موجودين في الكويت سوى بصورة شكلية ليس لهم حضور استثماري, ولتتضح القصة انهم هم الاشخاص انفسهم الذين تقدموا العام الماضي بطرق مختلقة للحصول على اسهم الضمان في بنك الاسكان ليشتروها بـ 8.4 دولار للسهم ويبيعوها لجهة استثمارية خليجية باضعاف ذلك المبلغ, اي انهم وسطاء, والواقع انهم تقدموا بنفس الطلب الشهر الماضي ليفتضح الامر كله بعد ان كانوا التقو كبار المسؤولين في الدولة.
الان يأتي قرار بالحجز على اموال رجل اعمال اردني مقيم في امارة ابو ظبي بشبهة غسل اموال بقيمة 100 مليون دولار بالتعاون مع احد البنوك المحلية الصغيرة, الغريب في الامر ان ذلك الشخص تم احتضانه في الدولة من جهات هي نفسها التي احتضنت الاشكال السابقة من اشباه المستثمرين, وخلال عام حجز هذا المستثمر مشاريع لا تعد ولا تحصى, تنوعت من مباني دابوق الى شراء ثلاثة بنوك وصحيفتين يوميتين وغيرها عشرات الصفقات الورقية التي شغلت الرأي العام وعطلت الاعمال وجمدت المشاريع مثل ما حدث في مباني القيادة. وفي النتيجة لم يحصل شيء ولم يتحقق شيء ، الشيء الوحيد الذي حصل هو انه اشترى خطا خلويا مميزا بقيمة 260 الف دينار.
للاسف, العامل المشترك بين الاعمال سابقة الذكر هو ان مسؤولين رسميين هم من روجوا لهؤلاء المسؤولين وقادوا نيابة عنهم حملة مفاوضات مع حكوماتهم واجهزتها لتوفير شبكة امتيازات لهؤلاء الاشخاص ولم يكن باستطاعتهم الظهور بهذا الشكل لولا وجود من يخدمهم لاغراض شخصية بحت.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم