القلة التي أخذت موقف الدفاع عن نظام الأسـد في المواجهة مع الشعب السوري يجدون أنفسهم في موقف حرج، فهم يسـبحون ضد التيار الجارف، وتكذبهم نشـرات الأخبار والصور الحية التي تؤكد يومياً أن ما يحـدث في سوريا هو ثورة شعبية ضد الاسـتبداد والحكم الشمولي الذي جاءت به ثلاثة انقلابات عسكرية 8 آذار، 23 شـباط، وانقلاب (التصحيح) متبوعاً بتوريث الحكم.
لا يسـتطيع هؤلاء اتهام جماهير الشعب السـوري وعشرات الآلاف من المعتقلين بأنهم أدوات طيعـة في يد الإمبريالية. ولا يمكنهم إثبات النضال السوري المزعوم ضد الاحتلال الإسرائيلي للجولان، ولا يستطيعون نفي الفسـاد والدكتاتورية وانتهاك حقوق الإنسان، ولا يمكنهم تجاهل سجناء الرأي في السجون السورية منـذ عشرات السنوات دون محاكمة. ولا ينكرون اصطفاف النظام السوري كجزء من العدوان الثلاثيني على العراق انطلاقاً من حفر الباطن (1990)، وتوزيع مقاعـد مجلس النواب قبل إجراء الانتخابات.
هـؤلاء يضيعون وقتهـم وجهدهـم في محاولة تغطية الشـمس بغربال، فهم لا يستطيعون تقديم مثال واحد حقيقي على الممانعة، فحكام سورية كانوا دائماً يتحرقون شـوقاً لتلقي دعوة لزيارة البيت الأبيض، وقد فاوضوا إسرائيل بنجاح في تركيا، ودعا الرئيس بشار الأسـد إلى الانتقال إلى مفاوضات مباشرة لعقـد معاهـدة سلام، وكانوا قد حصلـوا على تفويض أميركي بإطلاق يدهـم في لبنان، ودعموا إيران في حربها على العراق.
نقطة واحـدة في صالح هؤلاء لم يركزوا عليها وهي السؤال عن البديل، فإذا سـقط النظام السوري، ويبدو أن سقوطه أصبح في حكـم المؤكد، فأي نظام بديل سـيقوم مكانه.
هل يركب الإخوان المسلمون الموجه لأنهم الجهة الوحيدة المنظمة ذات القيادة المركزيـة؟ وإذا أقام الإخوان نظامهم في سـوريا، فهل سيكون نسخة عن نظام الخميني في إيران، أم طالبان في أفغانسـتان، أم البشير في السودان، أم هو على نسـق النظام التركي؟.
كان على أصدقاء وأنصار النظام السوري أن ينصحوه بالاستجابة للمطالب الشـعبية، وإدخال إصلاحات جذرية على نظام الحكـم المتخلف الذي لم يعد له مثيل خارج كوريا الشمالية.
نظام الأسد في حكـم المنتهي. السؤال الكبير هو ماذا عن البديل، وهل سـتفرز الثورة نظاماً ديمقراطياً يسـمح بالتعددية وتداول السلطة؟.
الراي