إن عودة خالد شاهين إلى الأردن مكبل اليدين خوفاً عليه من الهروب أثارت الاستغراب والتعجب من أن المعالجة المتعلقة بشاهين ليست بتكبيل يديه بقدر ما هي فتح كافة الملفات المرتبطة به ، وخاصة انه قد أمضى فترة طويلة خارج الأردن وأفاد انه بعد عودته سوف يتحدث عن كثير من القضايا ، أم إننا سوف نعيش معه حلقات طويلة وعقيمة كمسلسل باب الحارة وغيرها ذو الأجزاء المتعددة .
ولهذا فان التعامل مع ملف شاهين لا بد أن يبدأ من لحظة خروجه من الأردن وتبيان الحقيقة للشعب لتعرف على الطريقة والإلية المرتبطة بذلك ومن وراءها ، وهل هنالك شبة فساد والأشخاص الذين ساهموا بذلك وان يتم الوقوف على هذا الملف بكل شفافية ووضوح درءً للشبهات والإشاعات ، ومن بعد ذلك يتم إجراء التحقيق معه بالقضايا الأخرى لان كثير من الناس ليس لديهم التصور الواضح بخصوص هروب خالد شاهين لحد الآن .
إن مواجهة الفاسدين والفساد ما زالت تراوح مكانها ولم نلمس خطوات ذات دلالات واضحة إلا القليل ، وخاصة أن أبناء الوطن يتطلعون إلى معالجات تنطوي على تمكين هيئات مكافحة الفساد بالأردن بالسعي إلى تحقيق دورها بذلك ، وخاصة أن الصلاحيات التي تتمتع بها الدوائر ذات الاختصاص تشكل ما يسمى بالضابطة العدلية وان دورها وبناء على وجود شكاوي أو ملفات متعلقة بها أن تقوم بتحويلها إلى الجهات القضائية المختصة دون الحاجة إلى تضييع وهدر الوقت بدون مؤشرات ملموسة.
ولذلك لا بد من مأسسة منظومة القيم لمحاربة الفساد في المجتمع، وترسيخ مفاهيم الوقاية منه لتعزيز الثقة بقدرة مؤسسات الدولة على التصدي للفاسدين ومحاسبتهم وفقا للقانون، و تضافر جهود السلطات الثلاث، والأجهزة الرقابية ومؤسسات المجتمع والمواطنين لمحاربة الفساد، وأهمية تكاتف الجميع في التوعية بمخاطر الفساد، وتعزيز قيم العدل والنزاهة وسيادة القانون فكرا وتطبيقاً في المجتمع ، ومن تثبت إدانته بالفساد أن يتم تحويله للقضاء، وتطبيق القانون على الجميع، والذي يشكل أولوية وطنية وركيزة أساسية لتحقيق الإصلاح الشامل والتنمية المستدامة في مختلف المجالات، و ضرورة التعامل بشفافية مع جميع ملفات الفساد لتعزيز ثقة المواطن بجدية الدولة في مكافحة هذه الآفة الخطيرة .
ولذا فإذا كانت الأهمية في مكافحة ومعالجة الفساد واستخدام كافة السبل لكبح جماحه الذي أصبح مستشري في كافة أرجاء الوطن من خلال ضبط الفاسدين ، فان تطهير الفساد لا يتم إلا بتشديد العقوبات وتغليظها والعمل على أعادة الأموال التي تم نهبها من جيوب المواطنين والتي تشكل الأولوية في التقليل من مظاهر الفساد ، وان الأولوية في معالجة الفساد سياسياً في هذه الفترة الحرجة ومن تقع عليهم أية شبة فساد أن يتم إرسالهم إلى القضاء ليقول كلمته،وأصبح من الضروري لنجاح دور الهيئات المعنية بمكافحة الفساد أن تقوم بتطوير وتحسين القوانين التي تمنحها مزيدا من الفاعلية لتأدية واجبها الوطني بأفضل صورة، ووضع وتعديل التشريعات التي تضمن قيام هذه الهيئات بمهامها ، وزيادة الكوادر البشرية، لاسيما وأن العديد من القضايا تحتاج إلى مراجعات وتدقيقات محاسبية وترجمات قانونية .
والسؤال الذي يطرح في ضرورة أن تقوم الهيئات المعنية بمكافحة الفساد بنشر المعلومات والحقائق حول القضايا التي تهم الرأي العام ، وان يتم التعامل مع هذه القضايا بشفافية واضحة دون الإسهام في إطلاق الإشاعات وتظليل الرأي العام حولها ، وكذلك توضيح الحقائق حول ما يشاع من قضايا منعا لاغتيال الشخصيات العامة والذي يساعد بدورة في التخفيف من مضار الفساد والدفع نحو تحسين عجلة الاقتصاد وحفاظاً على المال العام .
bsakarneh@yahoo.com