يخلف عليكم الحكومة بدأت بصرف الرواتب
د.حسين الخزاعي
22-08-2011 03:40 AM
التصريحات التي ادلى بها وزير المالية والتي تناقلتها وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة والمواقع الالكترونية الاسبوع الماضي تفيد بان " معاليه " اوعز للمختصين للمباشرة باعداد وتجهيز الترتيبات اللازمة لصرف الرواتب الشهرية لكافة العاملين باجهزة الدولة بما في ذلك المتقاعدين من الجهازين المدني والعسكري في مطلع هذا الاسبوع ، وحسب تصريحات الوزير، تبدأ اليوم الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكوميه بتوزيع الرواتب على المواظفين والمتقاعدين، وبناءا على ذلك سوف تزدهر الاسواق وتنتعش الحياة ، وتتغير الحركة من السوبرماكتات والمولات الكبيرة باتجاه محلات النوفوتيه والملابس والبسطات ، ويبدأ الموظفين باعداد الحسابات الدقيقة والرقيقة وتحديد طرق انفاق الراتب بعناية وحكمه لمواجهة الضغوط التي تواجه الموظفين، وتقر الحكومه بان الموظفين في وضع " صعب " لهذا بادرت للشعور معهم بقرارها صرف الرواتب في مطلع هذا الاسبوع؛ والذي تعتبره الحكومه انجاز ، فلم يبق وسيلة اعلام إلا وتناقلت خبر صرف الرواتب وبما ان الوقت لم يزل مبكرا، وفي وسع وزارة المالية والحكومه الاحتفال بمناسبة توزيع الرواتب فاقترح عليها ارسال رسائل نصية (SMS ) للموظفين لتهنئتهم بالعيد وابلاغهم بمراجعة معتمد الصرف في وزاراتهم ومؤسساتهم او البنوك التي يتعاملون معها لاستلام الرواتب، واقترح ان يكون مضمون الرسائل النصية كما يلي : " اخي الموظف ، اختي الموظفه ، تقدير من الحكومه لعطائكم ، وشعورها معكم ،وتقديرها لظروفكم، وبايعاز من رئيس الوزارء ، فقد قررنا صرف الرواتب قبل يومين من موعدها، واعتبار من صباح هذا اليوم ، املين ان يصمد الراتب معكم ، وتقضوا حوائج العيد الاساسية جدا جدا جدا ". والاردنيون في مختلف مواقع العمل ممتنون للحكومة ، ويقدرون مواقفها خاصة في الظروف التي ينزنق فيها الموظفين !!! .
المتابع والقاري والراصد جيدا لوضع الموظفين العاملين في القطاع العام يجد بأن قرار صرف الرواتب في مطلع هذا الاسبوع والذي عملت منه الحكومه " هيصه وتحميل جمايل " ؛ ما هو إلا إجراء روتيني ينفذ شهريا، فالموظفين يقبضون رواتبهم خلال الفترة من (24 – 27) من كل شهر، فما هو الانجاز الذي قامت به وزارة المالية ؟! هل تقديم استلام رواتب الموظفين يومين قبل الموعد المحدد يعتبر انجاز؟!، والسؤال الآخر هل تم استفتاء الموظفين ومعرفة آرائهم ورغبتهم في استلام الرواتب قبل يومين من الموعد المعتاد ؟! والاهم هل يوجد موظف يبقى الراتب في جيبته لمدة يومين!! ، فالموظفين يقبضون رواتبهم في اليد اليمنى وينفقونا في اليد اليسرى، يعني الموظف " ملحوق وملتعن ابو سنسفيل ابوه "، لا يفكر بالعيد وانما يفكر بالخروج من العيد باقل قدر مكن من الديون والاعباء الاقتصادية التي سترحل للشهور القادمة، فلا تفرق مع الموظف قرار صرف الرواتب قبل العيد او بعد العيد لان الموظفين مقبلين على مصاريف اربع مناسبات اساسية تتمثل في " عودة الابناء للمدارس، عودة الابناء للجامعات وتسجيل الابناء الذين يقبلوا في الجامعات ، وشراء ملابس للعيد وما يرافقها من التزامات اجتماعية وموروثات اجبارية ، وتسديد ديون شهر رمضان المبارك " وتكمل المصيبة اذا عرفنا ان (80%) من الموظفين والمتقاعدين رواتبهم لا تتجاوز (300) دينار ، ووضع العاملين في القطاع الخاص يشير الى ان (80%) من العاملين رواتبهم بين (200-300) دينار ، وان (15%) من القوى العاملة الاردنية رواتبها اقل من (150) دينار اردني . يعني طبقة ممسوحه وتحلم في الوصول الى خط الفقر المعترف به حكوميا ، فهل هؤلاء قلقون ويفكرون في الرواتب التي تتبخر قبل استلامها ؟!.
وبعد،،،، نرصد من التقارير الحكومية ان كلفة الفاتورة الشهريه للرواتب والعلاوات لجميع العاملين في أجهزة الدولة بما فيها رواتب المتقاعدين من الجهازين المدني والعسكري تقدر بحوالي( 265 ) مليون دينار شهريا، والحكومه اذا قررت منح الموظفين راتب شهر كامل اضافي بمثابة "عيدية " لتفرح الموظفين وعائلاتهم وتتكاتف معهم وتحقق الرضا النفسي والاجتماعي والوظيفي لهم لن تخسر شيء ، فهذه الكلفة الشهرية للرواتب البالغة (265) مليون لا تعرقل عمل الحكومه ولا تعطل مشاريعها ومخططاتها، لأنه باختصار الدولة " تجبي وتحصل " شهريا من المواطنين ما لا قل عن( 350 )مليون دينار على شكل ضرائب لا داعي للدخول في تفاصيلها وتحديدها، فلو تكرمت الحكومه على الموظفين براتب شهر " عيدية " سيبقى في ايرادها من عوائد ما تحصله من ضرائب (100) مليون دينار شهريا ، فهذه الاموال من جيوب المواطنين وليست هبه او كرم حاتمي من الحكومه، والحكومه لم تقصر في المواطن ونازل فيه " فرم وجرم " من ضريبه مبيعات الى ضريبة دخل ، وجمارك، وضريبة على الماء والكهرباء والجامعة والتلفزيون وترخيص السيارات ، ومسقفات، وترخيص محلات، وتجديد واصدار جوازات وشهادات ميلاد ودفاتر عائله ورسوم عقد زواج و..... ولم يبقى للحكومه إلا ان تفرض على المواطنين ضريبة " بدل تنفس " وفي ظل الربيع العربي ضريبة بدل " تنفيس " . والشعب يشعر مع الحكومة ويقبل بنصف راتب شهر كعيدية منها .
مسك الكلام ،،، الموظفون والمتقاعدون يريدون من الحكومه راتب شهر اضافي ، فلا تحملوهم جميله او معروف بمنحهم رواتبهم الشهرية قبل يومين من موعدها ؟! اذا فعلتوها سيقول لكم الموظفين وعائلاتهم وانسبائهم واقربائهم والغارمين وفي الرقاب ومنتفعي صندوق المعونة الوطنية وصندوق الزكاة ، سيقولون لكم بالصوت الواحد ،،،، يخلف عليكم ،،، كثر الله خيركم !!! درهمونا وإلا فقدتمونا !!!.
ohok1960@yahoo.com
اكاديمي ،،، تخصص علم اجتماع