اردوغان في مقديشو .. حضور مشرف
د.مهند مبيضين
21-08-2011 08:30 AM
اطل رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان ومعه اربعة من وزرائه وزوجته أمينة بزيارة مفاجئة للعاصمة مقديشو، وهي الزيارة الأولى لمسؤول دولي منذ اندلاع الحرب الصومالية، وهي زيارة انسانية في ظل تداعي الأوضاع في الصومال للمزيد من السوء بعد اسوأ مجاعة تضربه منذ عشرين عاما.
برفقة اردوغان وفد كبير من رجال الأعمال والإداريين والنواب وهؤلاء جميعا سيزورون معسكرا للنازحين ومستشفى، وبرغم انشغالات اردوغان ووزير خارجيته في الأزمة السورية، وجارهم بشار المأزوم، إلا أنهما يجدان الوقت الكافي للبناء على الدور السياسي المحوري لتركيا بدور آخر وهو إنساني وهذه المرة في القرن الإفريقي الذي كان مستعصيا على اجداد اردوغان السلاطين العثمانيين طيلة حكمهم للمنطقة العربية.
حراك اردوغان السياسي الذي لا يهدأ بعد ان استطاع الإطاحة بقوة العسكر في تركيا مرشح للزيادة بما يمكنه من العمل بديناميكية أكبر، وقد اعلن على هامش الزيارة الانسانية للصومال عن نية تركيا لفتح سفارة في الصومال والقيام بمشاريع خدمية واقتصادية.
وبذلك، ينجح اردوغان بما فشل به العرب حتى مع دولة من داخل منظومتهم العربية، فالصومال تركت لوحدها تواجه حرب ابنائها، ولم تكن تحضر في الهم العربي إلا من خلال صور المجاعات والجوائح واخبار القراصنة على سواحلها.
في الصومال كان حضور اردوغان أشبه بأمل جديد لحكومة شيخ شريف احمد، الرئيس الصمومالي الذي يحاول جاهدا ان يقنع العرب والغرب بقدراته على النهوض بالصومال، خاصة بعد انتصاراته الأخيرة على حركة الشباب واخراجهم من مقديشو.
مقديشو كانت مقبرة للاميركان وفيها كانت خسارتها الفادحة لاثني وسبعين جنديا من جنودها وقد تم تصوير الخسارة التاريخية في فلم سقوط الصقر الأسود ومن ذلك التاريخ حاولت امريكا الحضور بطائرات بدون طيار في تعقب القاعدة، ووسعت اعمالها السرية بعد العام 2006، ولم تحضر تركيا مطلقا في المشهد الصومالي، حتى جاء الموقف الراهن من اردوغان الذي سبقته اربع طائرات اغاثة تركية كما نظمت في تركيا حملة كبيرة لجمع تبرعات لانقاذ ارواح أطفال الصومال.
ليس لاردوغان طموح امبراطوري في الصومال، فهو لن يعيد إحياء آمال الأجداد، وقد حضر العثمانيون قديما في اثر حدثين استعماريين الأول يوم جاءوا للدفاع عن اليمن ضد الحرب البرتغالية والاسبانية1538، والثانية بعد احتلال البريطانيين لعدن العام 1857 فتمركز الأتراك في اليمن الشمالي ومدوا نفوذهم إلى موانئ صومالية.
اليوم يتعزز الحضور التركي بقالب انساني بحت، في محاولة جادة للفت النظر للمعاناة الإنسانية هناك، والمفارقة ان الجيران العرب والمجموعة العربية في سباتهم "يعمهون" فيما يزاد اردوغان في مد يد عونه مرة لاغاثة غزة ومرة للصومال وفي خاصر بلده لاجئون بالآلاف من سوريا يلقون رعاية فائقة. وما مصدر تلك القوة إلا الديمقراطية والحرية التي جاءت باردوغان وصنعت منه زعيما اقليميا.
Mohannad974@yahoo.com
الدستور