الحكومة صنعت المشكلة وتدير الظهر للحلّ!!
جميل النمري
18-08-2011 07:43 AM
آخر ما قررته الحكومة يدفعنا الى طريق مسدود بشأن البلديات، والقصة هي بإيجاز كالتالي:
اقتنع الوزراء المعنيون بنتيجة جولاتهم بأن الشعب ثائر على الدمج، والكل يريد العودة إلى بلديته المستقلة كما كانت سابقا. ولما كانت العودة إلى بلديات ما قبل الدمج صعبة ومكلفة، فقد تم اقتراح صيغة وسيطة معقولة، بحيث يكون لكل بلدة ومنطقة مجلس محلي يتمتع بصلاحيات لتقديم كل الخدمات، ويبقى للمجلس البلدي، المكون من ممثلي المجالس المحلية وله رئيس منتخب بصورة مشتركة من عموم المواطنين، المسؤولية العليا للشؤون المشتركة والتخطيط والتنظيم والمشاريع الكبرى.. إلخ. وكنّا مطمئنين أن وزارة البلديات اعتمدت هذا المشروع لصياغته في قانون يقدم لمجلس النواب.
لا نعرف ماذا حصل للوزراء بعد ذلك. فقد انقطع التواصل والحوار، وفوجئنا بالحكومة ترسل لنا مشروع قانون هو نفسه تقريبا القانون القديم خلوا من مشروع المجالس المحلية. لكن اللجنة الإدارية لمجلس النواب، وبعد حوار مكثف، اقتنعت وبمشاركة واسعة من بقية النواب، أن الحل هو في المجالس المحلية. وقد صوت مجلس النواب بالفعل على التعديلات والأفكار الجديدة التي كانت الحكومة قد تخلت عنها.
السادة الأعيان عموما كانوا مقتنعين بمشروع المجالس المحلية، لكن كانت لهم ملاحظات على مدى انسجام بنية القانون مع صيغة المجالس التي أقحمت عليه، وأيضا حول دستورية إدخال أحكام جديدة من هذا النوع على مشروع القانون كما جاء من الحكومة. ولهذا الجدل مقام آخر، لكن المهم أن الوضع الناشئ كان يستوجب تفاهم النواب والأعيان على حلّ يتيح إجراء انتخابات بلدية ناجحة قبل نهاية العام، وهو ما وعد به الملك الرأي العام أيضا في آخر خطاب له في حفل تسليم المقترحات لتعديل الدستور.
وكما علمت، فقد دار البحث حول صيغة للحلّ، وهو أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون جديد يتضمن المجالس المحلية على جناح السرعة بديلا من المشروع الذي بين أيدينا، حيث يمكن إقراره بسرعة ما دام النواب والأعيان والحكومة متفقين على مشروع المجالس المحلية بوصفها البديل لصيغتي الدمج الكامل أو الانفصال الكامل.
كانت المفاجأة الجديدة أن الحكومة لا تريد أن تتعاون كما أخبرني الزميل رئيس اللجنة الادارية في مجلس النواب، ولن تقدم مشروع قانون بديل، فهي قدمت مشروع قانونها وعلى النواب والأعيان تدبر أمرهم!!
أنا في حيرة حقيقية، وأسأل: كيف يفكر الناس!! النواب على اتصال حميم مع قواعدهم، ويعرفون عمق السخط على الدمج لدرجة أن فشل الانتخابات هو الاحتمال الأكثر ترجيحا في ظلّ الدمج. وأنا سمعت من رئيس اللجنة الوزارية المعنية (م. سمير حباشنة) شهادته التي تؤكد ذلك. طيب، إذا كان ذلك صحيحا، وكانت الحكومة لا تستطيع فصل كل البلديات فما هو الحلّ؟! من الغريب أن الحكومة تدير ظهرها ولا تسأل!!
(الغد)