أسماء خلعت مبارك فهل تخلع المجلس العسكري؟
سمير حجاوي
18-08-2011 07:01 AM
أسماء محفوظ.. واحدة من المع شباب الثورة المصرية المعاصرة، فهذه الشابة الجامعية التي تبلغ 27 عام من العمر، وتحمل إجازة في الإدارة هي التي كتبت البيان الأول للثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك وحولته إلى رئيس مخلوع..
كان بيانا على شكل كلمة بثتها على موقع "يوتيوب" في 18 يناير 2011 قبل أسبوع من اندلاع الثورة تحدت فيه أسماء نظام مبارك وجهازه الأمني وأكثر من مليون ونصف مليون عسكري من الأمن المركزي ونصف مليون مخبر من مباحث امن الدولة، وأعلنت في التسجيل انه ستنزل إلى الميدان ولو وحيدة في الخامس والعشرين من يناير وقالت" أنا نازله يوم 25 يناير وحقول للفساد وللنظام لا عشان كرامتي كمصرية.. وأردفت كل واحد شايف نفسه راجل يبقى ينزل، وكل واحد بقول البنات اللي تنزل دي بتتبهدل وحرام، يبقى يخلي عنده نخوة ورجولة وينزل يوم 25.. أوعى تخاف من الحكومة، خاف من ربنا.. انزل وطالب بحقك وحق اهلك وحقنا كلنا"..
كان هذا هو البيان الأول لمؤججة الثورة المصرية المعاصرة، رغم فشلها في المرة الأولى عندما نزلت إلى الميدان قبل ذلك ولم يساندها إلا 3 شبان سرعان ما أحاطت بهم 3 سيارات للأمن المركزي، لكنها لم تيأس، وقررت القتال حتى النهاية، وسارعت الى بث تسجيل بيان ثان في الساعة العاشرة والنصف من ليلة الرابع والعشرين من يناير حرضت فيه على الثورة وقالت:" بكرة بداية النهاية لو نجحنا وبقينا صامدين أمام الأمن .. بكرة الساعة 2 الظهر في ميدان مصطفى محمود في جامعة الدول العربية، كلنا حنقابل بعض، ايد واحدة، يوم سلمي، اللي حيخرب مش مننا، واحنا اللي حنمعنه.. كل واحد يجيب علم مصر معاه، دا هو الغطا بتعنا، وحنقول البلد دي بلدنا وحقنا كبني ادميين وكمصريين.. بكرة أملنا وحلمنا.. أول خطوة على طريق حلمنا".
رسالة الشابة الثورية التي قررت أن تغير وجه مصر مرة واحدة إلى الأبد، بمشاركة رفاقها ورفيقاتها من أبناء الجيل الجديد في مصر، نجحت بالوصول إلى آلاف المصريين الذين لم يخيبوا أملها وكانوا على الموعد في الميدان، وتحولوا إلى مد جماهيري عارم بمشاركة ملايين المصريين بعد ذلك.
أسماء..أيقونة الثورة المصرية، ومطلقة الشرارة الأولى، اعتقلها المجلس العسكري الذي يدير مصر بعد انهيار نظام مبارك، وحولها إلى محكمة عسكرية بتهمة " اهانة الجيش وتوجيه اهانات مشينة وألفاظا جارحة للمجلس العسكري"، عبر صفحتها على الفيسبوك وتويتر وما تدلي به من تصريحات على محطات التلفزة، ثم عاد وأفرج عنها بكفالة 20 ألف جنية.
هذا الاعتقال الذي اعتبرته منظمة العفو الدولية بمثابة "رسالة مفادها انه لن يسمح بالاعتراض على المجلس العسكري"، وهو ما عبر عنه صراحة رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء محمود المرسي في بيان أصدره قال فيه ان "لا تساهل مع اهانة القوات المسلحة والمجلس العسكري الأعلى من خلال القنوات الفضائية والفيسبوك وتويتر"، علما أن العبارة التي كتبتها أسماء ذهبت للتنبيه إلى ما يجري بقولها "لو القضاء لم يأت بحقنا ما حدش يزعل لو طلعت جماعات مسلحة وعملت أية سلسلة اغتيالات وطالما مفيش قانون ومفيش قضاء محدش يزعل من حاجة". وهي عبارة تحذيرية وتعبير عن المخاوف وليست تحريضا.
مشكلة المجلس العسكري مع أسماء محفوظ ومع شباب الثورة المصرية بل مع الشعب المصري كله تلخصها أسماء نفسها عندما تسرد ما جرى معها بعد خروجها من غرفة التحقيق وإجلاسها في غرفة أخرى فيها بعض الضباط الذين بادروها بالقول: انتو عايزين منا ايه .. الشعب ده ما ينفعش معاه حقوق إنسان .. الشعب تعود على كده، لو سبناه كده حيبقى فيه انفلات امني" ثم بادرها احدهم بالقول:" مبارك كان "سنه" متخلخله وإحنا اللي ساعدناكم توقعوه، واكتر من كده ما تحلموش".. هذا هو العقل الذي يدير مصر حاليا يعتقد ان الشعب المصري لا يستحق حقوق الإنسان، وان سقوط مبارك هو النهاية.
لقد كان تعليق أسماء على ما يجري بعد الإطاحة بمبارك بليغا إذ تقول: منذ عام 2008 وأنا احلم بالتخلص من الفساد ونظام مبارك، لكنني اكتشفت أن الفساد ليس في نظام مبارك وحده، وأردفت بالقول سواء كان عسكريا أو مدنيا يدير البلد فهو "حاكم سياسي" ومن حقنا أن ننتقده ومن حق الشعب أن ينتقد ويعرف وان تتخذ القرارات بشفافية وان نكون شركاء باتخاذ القرار".
هذا بالضبط هو ما أثار المجلس العسكري من أسماء، التي خلعت الخوف وقررت أن الشعب هو الذي يجب أن يحكم، وان المجلس العسكري مجرد مرحلة انتقالية يجب عليه العودة إلى الثكنات بأسرع وقت ممكن وان يترك الحكم لمن يختاره الشعب..
أسماء محفوظ حكاية من حكايات الثورة المصرية، وهي حكاية لم تكتمل بعد، بدأت بخلع مبارك وستنتهي بخلع المجلس العسكري أيضا وإعادته إلى الثكنات وليس فوق كراسي الحكم.
hijjawis@yhaoo.com