صحيح ان المصلحة العامة تتطلب عدم الإسترسال في وضع الملح في الجرح الذي تسببت به الحكومة خلال الإنتخابات البلدية وصحيح ان علينا النظر للأمام إستعدادا للإنتخابات البرلمانية بدون الوقوف مطولا أمام التجاوزات والشروخات التي حصلت في النسخة البلدية. وصحيح ان نخبة من كبار المسئولين تعترف بحدوث أخطاء وتتحدث عن مبالغات في تصويرها ,وأن هؤلاء الكبار يجتهدون لصناعة منظومة خطوات وبرامج تنهي حالة الإحتقان الناتجة عن البلدية وتعيد الثقة بمصداقية الحكومة والخطاب الرسمي لغرض نجاح {البرلمانية} بإعتبارها الأكثر الأهمية والتي تساهم فعلا لا قولا في التأثير في سمعة البلاد في الخارج.
وصحيح ان دقة المرحلة تتطلب تطهير ألستنتنا مما حصل في {البلديات} بعد ان تطهرت قلوبنا لكن مظاهر الفوضى والأخطاء نتج عنها وقائع جديدة على الأرض والمسئولية السياسية والأخلاقية تتبع الحكومة اولاوأخيرا وحصريا.
النتائج السريعة تقول ان ما حصل قدم {خدمة العمر} للتيار الإسلامي الذي لا زال موجودا وبقوة في اوساط الناس وبين ضلوع قلوبهم والذي نجح في خلق قواعد جديدة هذه المرة {للإستقطاب} فرموزه ودعاته ورجاله ينتشرون بالناس ويحدثونهم عن براءتهم في مواجهة الشراسة الحكومية التي إطاحت بالصالح والطالح خلال تصديها لتحقيق هدف تكتيكي واحدج فقط على حساب الإستراتيجيات وهو إبعاد الإسلاميين لأطول مسافة ممكنة عن أربع بلديات أساسية في المملكة.
فروع جبهة العمل الإسلامي كما تقول المعلومات نشطة هذه الأيام في إستقبال المزيد من الأعضاء والتوسع في مجالسة عشرات المستمعين من المواطنين الذين أغبضتهم او إطاحت بطموحاتهم تصرفات الحكومة خلال إنتخابات البلديات.
والشيخ زكي بني إرشيد توقف إلى حد كبير عن المواجهة إعلاميا وبدا مستعدا لتقديم التنازل المطلوب وهو {الإنسحاب والإستقالة} لو كانت ثمنا لتهدئة الجبهة مع الحركة الإسلامية وتهدئة للصالح العام كما يقول المقربون منه وبالنسبة للإسلاميين المرحلة مرحلة قطف التأييد والتفهم في الشارع.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فسمعة الحكومة وخلفها سمعة الجهاز الرسمي تضررت وتم تحطيم إجماعات عشائرية وجبهة الفائزين في الإنتخابات رخوة وضعيفة لإنهم يواجهون يوميا إتهامات في الشارع بانهمحصلوا على مواقعهم في نطاق إنتخابي غير حر تماما ,والأهم ثمة مرارة في نفوس الكثير من أبناء العشائر وثمة رقابة أكثر على فعاليات التحضير لإنتخابات البرلمان وثمة أضواء مسلطة أكثر وكان يمكن ان لا توجد.
فوق ذلك هناك خسائر حصلت لم يعد يخفيها احد لا داخل الحكومة ولا خارجها وبالضرورة هناك دلالات ومعاني اصابها التصدع وأصبحت بحاجة لإعادة ترميم وهذا حصريا ما يقوم به ملك العقول والقلوب عبدلله الثاني حاليا وهو يتجول بيده الكريمة على مواضع الألم عند مواطنيه ويقدم المساندة والمساعدة.
ويقال ان عملية {تقييم شرسة} تجري وجرت في مطبخ القرار لما حصل في إنتخابات البلديات وبعض الأراء تعتقد بان الدخول فعلا إلى معترك إنتخابات البرلمان قد يتطلب فعلا طي صفحة إنتخابات البلديات ولكن ليس على الطريقة {البلدية} والتقليدية فلابد من دفع الضرر بأن يدفع احد ما ثمن الأخطاء.