مِن حق من يريد السفر إلى دمشق لأيّ سبب أن يُسافر، ومِن حق من يريد تأييد النظام السياسي هناك أن يؤيده فالتاريخ هو الذي سيحكم عليه، ولكن ليس من حق هذا أو ذاك أن يصدر البيانات ويُعمّم البلاغات موجهاً الاتهامات للذين يريدون إسقاط النظام بأنهم يقفون مع المؤامرة الخارجية على سوريا.
هذا أسلوب مزايدة رخيصة كانت تنفع في زمن ليس زمننا الحالي، وأيام ليست هذه الأيام، حيث مَن يُعلن رأيه إمبريالي وصهيوني وخائن للعروبة، إلى آخر المعزوفة السمجة، التي ثبت أنّ أصحابها هم المخادعون الساكتون عن الحقّ، الهاربون إلى الأمام حيث العنزة تطير، والشعار الدائم: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة على الورق وفي الهواء.
الكلّ أعلن منذ بداية البداية، وأوٌل الكلّ المعارضة السورية، أن الرفض مطلق للتدخّل الأجنبي في الشؤون السورية، فالشعب يعرف ما يريد، وقادر على تحقيق ما يريد، وفي التحليل النهائي فإنٌ التصريحات والمواقف الغربية التي تؤيد إسقاط النظام السوري تؤخّر سقوطه، وتمنحه حجّة مجانية للبقاء بدعوى أن هؤلاء هم أعداؤنا التاريخيون.
على أن القصّة أبسط من أن تُشرح، فالدماء تسيل في الشوارع منذ أشهر، ولا إصلاح حقيقياً على أرض الواقع، وكرة الثلج تكبر وتكبر، والأرض تهتز بفعل الشعب لا غيره، ونسمات الحرية بدأت تمرّ فوق الشام، ولهذا فقط نقول لهؤلاء الذين يعلّمونا دروساً في القومية: عيشوا في زمانكم الصدئ واتركوا الناس تحلم بزمان الحرية الرحب الجميل.
(الدستور)