بما يتعلق بالتلفزيون الأردني في رمضان .. أتساءل فقط من موقعي كأي مشاهد بسيط كبر على صورة فنانين أردنيين كانوا في الثمانينات أفضل سفراء للأردن حين امتدت أذرع الدراما الأردنية إلى خارج الحدود راسمة هوية ثقافية ناصعة للوطن، أتساءل.. هل يصحّ أن يغيب فنان كبير بحجم موسى حجازين عن شاشة رمضان، وأنا على قناعه أنه يملك أفكاراً ومقترحات ثريّة لتقديمها ؟. موسى حجازين فنان كبير وقدير ومدرسة تلقائية في الكوميديا وجماهيرية كاسحة لدى المشاهد الأردني. كمشاهدة عادية أفتقد طلة موسى حجازين وأستهجن إغفال الاستثمار في قامة فنية حقيقية ذات كاريزما على الشاشة أمتعتنا لعقود طويلة.
أتساءل أيضاً عن المبدعين حسن سبايلة ورانيا اسماعيل ..أين زعل وخضرة..ولماذا لا تبث حلقات البرنامج في وقت الذروة كما يفترض لها أن تكون، فهذه الدراما التي لامست الشارع العادي بعفويتها وتحدثت بهموم الناس تحضر بشكل باهت هذا العام ويزج بحلقاتها في أوقات مشاهدة ضعيفة، مع أن سلسلة زعل وخضرة التي تحمل كثيرا من الهم الإنساني تماثل سلسلة طاش ماطاش السعودية التي أخذت بعدا عربيا واسعا عندما تم الاعتناء بها كما يليق .
ماأعرفه أن الفنان الأردني يحفر بالصخر ويحفر بأسنانه ليصنع له مكاناً ولوطنه مكانة فنية .. وفي جلسة ثقافية جمعتنا مع الفنان الكبير عبد الكريم القواسمي والفنانة الكبيرة سميرة خوري تدرك أن وقتك في متابعة هذه القامات الفنية الرفيعة لم يوؤد عبثاً.. ويعود بصحبتهم الوقت الجميل إلى مرحلة شكل فيها الفنان الأردني الواجهة الثقافية المتينة للأردن حين كانت الأعمال الدرامية تباع وتشترى وتدر الأرباح.
الفنان الأردني اليوم ينقصه الاهتمام والجهات الداعمة ويغيب الدور الريادي لنقابة الفنانين، حتى الدعم النفسي نقننه عنه.
غير ذلك هناك مسألة المكافآت المادية المتواضعة للفنان الأردني ، وليس سراً أنه في ظل الوضع المادي المتواضع يضطر الفنان أحياناً القبول بنصوص وسيناريوهات تجاريّة وركيكة، ويقبل المشاركة في أكثر من عمل بنفس الوقت متجاوزاً كفاءته ومتجاوزاً رسالته و طموحه في سبيل تأمين عيشه ولهذا لم يقدر للفنان الأردني الامتداد الطبيعي كفنانين عرب في مصر والخليج.
يضعف الاقبال على الشاشة الوطنية عندما يغيب المبدعون، ويأفل نجم التلفزيون عندما نفرض على المشاهد كوميديا مبتذلة تستخف بالمشاهد ..
هل من الصعب أن نردّ للفنان الأردني بعضاً من الجميل في عمر أفناه لإسعاد الناس. هل من الصعب أن نعيد لشاشتنا الوطنية وهجاً وجمهورا يلتف حولها ، ونقرب منها مبدعين غابوا قسرا ً عن بؤرة الغليان الفني، دون أن نتساءل بعد كل هذا العطاء أين ذهبوا أو دون أن تحمل أية جهة على عاتقها مهمة التذكير بهم سوى في مرضهم. وهل ترانا نقدم لفنان شامل قادر على تصنيع الفكرة وكتابة السيناريو والإخراج والتمثيل أكثر من الإحباط؟. أشعر بوجع لأن أحدا لا يتطلع لرفد الفن والفنان الأردني بما يستحق.
ranaframe@yahoo.com
عن الراي.