الإصلاح السوري بين «البيضة» وكرة «البونغ بونغ»؟!
رجا طلب
15-08-2011 06:00 AM
من الواضح تماما ان الرئيس السوري ونظامه مصممان على الاستمرار في اتباع الحل الامني الى النهاية، وكلمة النهاية هنا تحمل معنيين، فاما الاجهاز على الثورة الشعبية المستعرة منذ اكثر من اربعة شهور او انهيار النظام بالكامل، ومن شبه المؤكد انه ليس في وارد النظام التوقف في منتصف الطريق او في اخره بعد ان اقدم على ما اقدم عليه من قتل وتنكيل وقصف للقرى والمدن بالدبابات وخاض حربا حقيقية ضد شعبه الاعزل مسجلا سابقة تاريخية اخرى تضاف الى سابقة توريث الحكم في نظام من المفترض انه «جمهوري - حزبي» انها سابقة خوض دولة مٌحتلٌ جزء من ارضها حربا ضد شعبها لمطالبته بالحرية في الوقت الذي تعللت وعلى مدى اربعين عاما بألف علة وعلة للتهرب من خوض حرب ضد عدوها ومحتل ارضها لتحرير تلك الارض.
هذا الاصرار رغم كل الاضرار السياسية والاقتصادية التي الحقها بالدولة السورية، يدلل على ان النظام يراهن على ما يلي:
اولا: الموقف الإيراني المستنفر حد الحرب في توفير كل سبل الدعم للنظام امنيا واقتصاديا ولوجستيا، ووجود قناعة لدى النظام من ان سقوطه او ضعفه هو بالضرورة ضعف مباشر لايران ولحزب الله ولمشروعهما بالمنطقة.
ثانيا: الرهان على النظرية القائلة بان المجتمع الدولي وتحديدا مجلس الامن وبسبب موقف كل من روسيا والصين لن يكرر تجربة الموقف المتخذ ضد العقيد القذافي، والرهان على ان الوضع الجيوسياسي لسوريا لا يسمح بتدخل دولي عسكري على غرار الحالة الليبية.
ثالثا: ايمان النظام المطلق بالحل الامني وبان فائض القوة والعنف المتوفرين لدى اجهزته الامنية والعسكرية قادران على تكسير ارادة الجماهير بل وانهائها، وقناعة راس النظام وقادة الاجهزة الامنية بان الجماهير لن تستطيع الاستمرار في «لعبة الموت المجاني».
وبالمقابل يدرك النظام ان البنية التاريخية له هي بنية شمولية تأسست على حكم مطلق غطاؤه الخارجي حزبي وجوهره عائلي - طائفي والية حمايته 12 جهازا امنيا تمارس اقسى انواع القمع، فهي غير قابلة للاصلاح وبالتالي فان دعوات الاصلاح تعد عمليا دعوات صريحة من اجل ان يقدم النظام على نحر ذاته، لذا كانت كل وعود الاصلاح في الخطب والبيانات الرسمية تأخذ بعدا عمليا على الارض يتمثل في زيادة منسوب الموت للجماهير المطالبة بالحرية.
يقول المفكر العربي فؤاد زكريا في كتابه «مقامرة التاريخ الكبرى: على ماذا يراهن غورباتشوف؟» الصادر عام 1990 والذي كرسه لدراسة مستقبل المعسكر الاشتراكي بعد بروز ظاهرة غورباتشوف واتباعه ما سمى بسياسة «البيريسترويكا» اي اعادة البناء يقول ان غورباتشوف لن ينجح في تجديد خلايا جسم الاتحاد السوفياتي لان هذا الجسد حتما سوف يموت، ويشبه الفرق بين وضع الدول الرأسمالية وامكانية تجديد نفسها والدول الاشتراكية والشمولية تماما مثل الفارق بين البيضة وكرة «البنج بونج» (... وفي وسعنا ان نوضح الفارق بين الحالتين بالمقارنة بين كرة الطاولة «البونج بونج» والبيضة، فالاولى تقفز وترتد سليمة اذا اسقطت او ضربت، والثانية تنكسر وتسيل بمجرد ان تصطدم قشرتها باي جسم صلب».
ان اي اصلاح للنظام في سوريا سوف يكسره ويحطمه تماما كما هي البيضة وهي حقيقة يدركها النظام جيدا لذلك يراهن على الدم بديلا عن الاصلاح.
rajatalab@hotmail.com
الرأي