السفارات الغربية .. حضور في المشهد الداخلي يثير غضب الحكومة
فهد الخيطان
13-08-2011 04:27 AM
** لقاءات الدبلوماسيين مع المعارضة وزياراتهم لبعض المناطق يقابلان باحتجاج (الخارجية)..
نُسب الى وزير الخارجية ناصر جودة انه طلب من السفير الاردني في لندن تفقد مناطق الاحتجاج في المدن البريطانية والاجتماع مع ممثلي "الحراك الشعبي" في لندن ومن ثم اصدار بيان يدين فيه الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة البريطانية . الرواية بالطبع ليست حقيقية وهي مجرد دعابة ليس إلا, وقد يكون مطلقها شخص اخر غير الوزير.
لكن "النكتة" تحمل في طياتها ما يمكن وصفه بامتعاض الجانب الرسمي الاردني مما يسميه المسؤولون تدخلا خارجيا في الشؤون الداخلية للاردن. مرد الامتعاض هذا زيارة السفير البريطاني إلى ذيبان قبل اسابيع ولقائه عددا من الاشخاص المحسوبين على الحراك الشعبي في اللواء. وقد ابلغت وزارة الخارجية الاردنية السفير في حينه احتجاجها على الزيارة, وفعلت الشيء نفسه مع دبلوماسيين كنديين التقوا ناشطين سياسيين في احدى المناطق العشائرية.
الجهات الرسمية الاردنية كانت على الدوام تبدي حذرا شديدا حيال اتصالات الدبلوماسيين الغربيين مع الحركات والشخصيات السياسية خاصة المعارضة للحكومات, وترى فيها تدخلا غير مرغوب في الشأن الاردني. مع التحولات التي تشهدها المنطقة العربية في الاشهر الاخيرة منذ ثورتي تونس ومصر وتوجه الدول الغربية - الولايات المتحدة وفرنسا على وجه التحديد - الداعم لـ "الربيع العربي" وانفتاحها على الحركات المعارضة خاصة الحركة الاسلامية تعاظم القلق الرسمي من دور السفارات الغربية وثارت شكوك كبيرة حول نوايا تلك الدول, واحتمال انقلابها على التحالفات التاريخية مع الانظمة المعتدلة في المنطقة, وفق استراتيجية التكيف مع المتغيرات التي بدأ الغرب ينتهجها منذ ان انحاز للثورات في تونس ومصر وترك نظامي بن علي ومبارك في مصر يسقطان رغم الخدمات الجليلة التي قدماها للدول الغربية.
ولا شك ان ما يتردد عن اتصالات غربية وامريكية مع قيادات الحركة الاسلامية في الاردن هو اكثر ما يثير غضب الحكومة ودوائر صنع القرار التي تخشى من نشوء تحالف بين الطرفين بعد اعلان اكثر من دولة غربية استعدادها للتعامل مع الاسلاميين في حال توليهم السلطة بشكل ديمقراطي.
المزاج العام للدبلوماسيين الاجانب في عمان يتسم بالتعاطف مع مطالب الاصلاحيين, وهم مثل كثيرين من نشطاء المعارضة لا يثقون بوعود الحكومة الاصلاحية وينقل على لسان هؤلاء انتقادات حادة لكبار المسؤولين في الدولة وتشكيك بنواياهم الحقيقية , ويعود هذا الموقف الى تأثرهم باراء المعارضة التي يلتقون مع قادتها باستمرار, يضاف الى ذلك تجربتهم الخاصة مع "وعود" الاصلاح طوال السنوات الماضية.
لكن الموقف الغربي تجاه الاردن لم يصل إلى مرحلة الانقلاب على التحالف مع النظام الاردني, الاتجاه الغالب هو دعم خطط الاصلاح في الاردن وحث الحكومة على الالتزام بخارطة الاصلاحات التي اعلنتها مؤخرا.
وفي تقدير خبراء بالسياسة الامريكية تجاه الاردن ان الادارة الامريكية لا تمارس ضغوطا كبيرة على الحكومة للسير في طريق الاصلاحات لانشغالها بجبهات اخرى ساخنة في ليبيا وسورية واليمن, وتأمل ان يمضي الاردن في طريق التغيير والاصلاح بسلاسة ليتجنب سيناريو دول عربية اخرى تعيش في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار.
المؤكد ان السفارات الغربية لن تغيب عن المشهد الاردني رغم احتجاجات "الخارجية" وستبقي على خطوط الاتصال مفتوحة مع جميع الاطراف, فالدول الغربية عموما طورت من طريقة عملها ولاتريد ان تفاجئها الاحداث كما فوجئت بتونس ومصر, المهم ان نتعلم نحن الدرس كي لا تداهمنا التطورات ايضا.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم