بعد 10 سنوات انفصل زوجان سعوديان بعد أن طلب الزوج من زوجته أن تحضر له سمبوسك باللحم ليجدها على الإفطار بالجبنة. فاستشاط غضبا وضربها وطردها، وطلقها!

تغريدة على موقع تويتر بالأمس جالت كثيرا، وعلق عليها كثيرون، وجعلها البعض موضوعا للتندر والتفكه والضحك، بالنسبة لي لم يكن الأمر كذلك، شعرت بحنق عميق، وحزن أيضا، وتقمصت دور الزوجة والنساء اللواتي قرأن الخبر، فكم داخلتني مشاعر الإذلال والقهر، إذ كيف يمكن أن أفهم مثل هذا الموقف، حين يصبح ثمن حياة زوجية وشراكة عمرها 10 سنوات مجرد حبة سمبوسك؟.

الأصل في العلاقة الزوجية التواد والتراحم، لكن بعض الأزواج يستخدم سلطته التي أعطيت له شرعيا وقانونيا على نحو شيطاني، يجعل من الحياة لعبة بيديه، أو قد يسيء استخدام سلطته على نحو معين، للتحايل على الشرع والقانون، مستعينا على ذلك بمحامين "أذكياء" ينصحون الزوج الذي يريد ابتزاز زوجته بإعفائه من تبعات الصداق المعجل أو المؤخر ، بإبقاء الزوجة على ذمته في بيته ومضايقتها وإساءة معاملتها والتقتير عليها بالإنفاق بغية إقدامها على رفع دعوى شقاق ونزاع لتخسر معها جزءا كبيرا من حقها في مهرها الذي غالبا ما يكون مؤخره غير مدفوع، وهذا شكل من اشكال سوء استخدام السلطة، أما الأشكال الأكثر إيلاما فمتعلقة بما يسمى الطلاق التعسفي، وهو مصطلح جديد، ينطبق على صاحبنا صاحب السمبوسك ومن يماثله ممن اتخذ الحياة الزوجية مسخرة!.

ان المشكلة الكبرى هنا تكمن في إساءة استخدام القانون على نحو لا يراعي العدالة ، ولا راحة الضمير ، فبعد صبر الزوجة سنين طويلة يرمي بها زوجها للشارع دون حساب للعشرة ولأتفه الاسباب!.

إن الزواج ميثاق غليظ ، وكما يقول الدكتور يوسف القرضاوي في سياق حديثه عن هذا المصطلح العظيم ، إن الزواج.. هو رباط مقدس ، سماه القرآن ميثاقا غليظا: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إًلَى بَعْضْ وَأَخَذْنَ مًنْكُمْ مًيثَاقًا غَلًيظًا) ، عهد قوي متين ، هذه الكلمة التي وصف الله بها النبوة: (وَإًذْ أَخَذْنَا مًنَ النَّبًيًّينَ مًيثَاقَهُمْ وَمًنْكَ وَمًنْ نُوحْ وَإًبْرَاهًيمَ وَمُوسَى وَعًيْسَى ابنً مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مًنْهُمْ مًيْثَاقًا غَلًيظًا) ، فالنبوة ميثاق غليظ والزواج ميثاق غليظ.. والمرأة زوج ، والرجل زوج ، وهذا من روائع اللغة العربية.. كأن كل واحد من هذين الطرفين: في الظاهر فرد وفي الحقيقة زوج ، يتضمن ويستبطن الشريك الآخر: يعبر عنه ، ويتضمنه في ضميره وروحه كأنما يحمله في جوفه وصدره.. فكيف يفعل به ما يفعل ، مستثمرا بعض ثغرات القانون طلبا لعرض الدنيا ـ ملحقا أذى فادحا لهذا الرباط المقدس؟.

لقد قامت الثورات العربية ضد حكام أساءوا استخدام السلطة، فطغوا وتجبروا، فانى للنساء أن يصبرن على عسف هذا النوع من الأزواج، فيحتسبن ذلك عند الله، والأحرى أن يعاقب من يرتكب هذا العسف عاجلا غير آجل!.

هناك جريمة في القانون المدني تسمى سوء استخدام السلطة ، فلم لا يكون جريمة مشابهة ، في القانون الشرعي تسمى: سوء استخدام سلطة الزوج؟



hilmias@gmail.com
الدستور