لماذا تأخر الموقف مما يجري في سوريا ؟
جهاد المومني
09-08-2011 06:35 AM
اردنيا وعربيا لا زلنا بلا موقف يتناسب مع ما يحدث في سوريا ,فالأسف بحد ذاته كما عبر عنه وزير الخارجية-متجاوزا الخطوط الحمراء-ليس بالموقف السياسي الذي يمكن ان يفهم على انه فن التعامل مع الممكن ,ولا هو دبلوماسية حذرة فصيحة لها ابعادها المستقبلية اذا ما امسكنا بالعصا من المنتصف ,وليس هذا هو الموقف الاردني فقط على اية حال ,بل هي مواقف العرب جميعا بمن فيهم انداد النظام السوري التاريخيين ,وهم جميعا مذنبون بغض النظر عما يحدث في بلد عربي مهم وكبير ولشعب عظيم وعزيز ربما لا يحتاج منا الآن غير موقف تضامن روتيني يدين القتل وذلك اضعف الايمان, بخل العرب حتى بمثل هذا الموقف الذي يبدو انه ثمين وغال وليس بوسع العرب دفعه مقابل الحقيقة ,واذا ما استثنينا مواقف عدد من دول مجلس التعاون الخليجي - حتى الآن - لا يبدو ان النظام العربي الرسمي يكترث او لعله لا يرغب في فتح باب المواقف على مصراعيه في ظل تواصل الحراك الشعبي العربي ومفاجآته التي لا يتوقع احد مكان وزمان تفجرها.
هناك تفسيرات لغياب او ربما لتأخر الموقف العربي من احداث سوريا الفظيعة ,الاول يتعلق بمواثيق الشرف الداخلية للجامعة العربية والتي لا تسمح بالشماتة فيما بين الاعضاء حتى بالرغم من توتر العلاقات بين الزعماء والانظمة الحاكمة ,وهذه جرى خرقها تماما في الموقف من النظام الليبي مع بدايات تفجر الازمة هناك,فقد اعد العرب اداناتهم بسرعة وبدون ابطاء ودون ان يتكرموا على النظام الليبي بفرصة مهما كانت قصيرة للتحاور مع معارضيه ,اما التفسير الثاني فالرغبة في دفع النظام السوري الى المزيد من الاخطاء والى ورطة الشعور ان العرب بصمتهم انما يدعمون او على الاقل لا يمانعون من سحق الثورة السورية ,وهو موقف مقتبس اساسا من مواقف العالم الغربي الذي سارع الى ترتيب قرار اممي لادانة ليبيا ومحاسبتها وتحويلها الى هدف للقصف من قبل قوات الناتو, بينما يؤدي دور الكاهن المتسامح مع النظام السوري ويقدم له الفرص واحدة تلو الاخرى دون ان تلوح في الافق اية بوادر لموقف حازم يجعل نظام البعث في سوريا يعيد النظر في حساباته ,وقد يكون هذا الموقف مطلوبا الآن من العرب قبل المجتمع الدولي ,رغم انه ليس من الانسانية لاي طرف انتظار من يفوز في الصراع بين الكف والمخرز كي يصفق له.
ثم ان هناك تفسيرا ثالثا لهذا الخرس العربي ويراه البعض أقرب الى واقع الانظمة الرسمية ,هذا التفسير يرتبط بمدى استقلال القرار العربي حتى عندما يتعلق الامر بموقف داخلي ,اي ضمن نطاق الجامعة العربية, فاذا كانت الولايات المتحدة لم تقل كلمة واضحة حتى الآن باستثناء عبارات ادانة خجولة لا ترقى الى مستوى الجريمة ,واذا كانت الولايات المتحدة ومعها دول العالم الفاعلة والمؤثرة لا تفرض عقوبات حقيقية موجعة على النظام في دمشق وتكتفي بعقوبات على عدد من الافراد ولا توقف جنازير الدبابات ولا تمنع قنص المتظاهرين ,اذن ماذا نتوقع من الأنظمة التي عادة ما تترجم الموقف الاميركي الى اللغة العربية ثم تعلنه وتبثه..!!
الرأي