هل قرأوا كتاب سيكولوجية الجماهير؟!
رجا طلب
08-08-2011 02:36 PM
لا اعتقد ان النظام في سوريا متلمس بدقة لردود الفعل العربية والدولية حيال ما يجري من عمليات قتل ضد المحتجين المدنيين في عموم المدن والقرى السورية والمشتعلة منذ اكثر من اربعة شهور، وهو امر يعكس تاريخ وطبيعة النظام السياسي وطريقة تفكيره وهي بكل اسف طبيعة دموية وتعتمد بصورة اساسية على الحلول العنيفة والامنية حيال اية قضايا تواجه النظام، وُتغطى هذه الحلول كما هو الحال منذ اكثر من اربعين عاما بالشعارات الثورية وبخاصة شماعة الامة العربية «فلسطين» حيث كانت تختلف طبيعة الشعار من مرحلة الى مرحلة فمن شعار «الصمود والتصدي» الى شعار «اسقاط كامب ديفيد « الى شعار «التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل» الى احدث موضة وهو شعار «الممانعة والمقاومة».
في زمن الرئيس السوري الراحل اعتمد حافظ الاسد على الاتحاد السوفياتي في تقوية دوره الإقليمي وبعد انتهاء الحرب الباردة وظف علاقته مع ايران والخليج وعدائه للنظام العراقي السابق توظيفا ذكيا قايض فيها ايران وكسب منها وقايض بها الخليج العربي وكسب منه، والان يحاول الرئيس بشار الاسد لعب اللعبة ذاتها لكن في ظل متغيرات كثيرة من ابرزها واكثرها حداثة ان هذا هو «زمن الجماهير والثورات الشعبية» وان من اهم ما يميز هذا الزمن ان مفهوم السيادة وخصوصية الدولة وحتى حدودها قد تغير بصورة جذرية، فالعالم الجديد لم يعد يقبل بقتل الدولة او الديكتاتور لشعبه ولم يعد يقبل بسلوك الدول المارقة التى تريد اخذ العالم نحو الفوضى والحروب والدمار.
من الواضح ان النظام في سوريا مازال يقرأ خارطة ما يجرى بمعزل عن الحقائق السابقة التى اشرت اليها بل انه يعيش حالة اشبه ما تكون بالانفصام التام عما يجرى من حوله لا بل وحتى عما يجرى داخله، فبعد اكثر من اربعة شهور من برامج القتل المبرمج والمتصاعد الذي ابتدأ «بخلع» اظافر اطفال درعا الذين كتبوا على الحيطان نريد اسقاط النظام مرورا باستخدام الاسلحة الرشاشة بكافة انواعها وصولا الى استخدام الدبابات والتى غطيت كلها ببرامج البروبغندا من الحديث عن عصابة مسلحة في درعا الى تنظيمات سلفية الى تنظيمات ارهابية الى عملاء وتدخلات اجنبية، بعد كل هذا نرى النظام مازال يعتقد ان الحل هو حل امنى وان القتل يمكن ان يرهب الجماهير وان الخوف يمكن ان يعود مرة اخرى الى عقول وقلوب وصدور الناس، ومستندا في قناعته هذه الى تجربة حمص وحماة عام 1982 وعلى التجربة الايرانية في الثلاثة اعوام الماضية والحالتين الليبية واليمنية، ومتسلحا بالدعم الايراني اللا محدود ماليا وامنيا وعسكريا وعبر ادوات ايران في لبنان «حزب الله» وفي العراق «حكومة المالكي»، متناسيا تماما ان الحقيقة التاريخية تقر بما لا يدع مجالا للشك بان الشعوب لا تهزم وان اية انتصارات عليها هي مؤقتة وزائلة ليس اكثر.
يقول مؤسس علم النفس الاجتماعي غوستاف لوبون في كتابه الشهير «سيكولوجية الجماهير» الذي كان خلاصة دراسات مطولة حول سلوك الجمهور وتحديدا سلوكه في الثورة الفرنسية وُكتب بداية القرن العشرين يقول: (... فاننا نجد ان نضال الجماهير هو القوة الوحيدة التي لا يستطيع ان يهددها اي شيء وهي القوة الوحيدة التي تتزايد هيبتها وجاذبيتها باستمرار، ان هذا العصر الذي ندخل فيه هو بالفعل عصر الجماهير).
ويقول في موقع اخر من الكتاب بالإضافة لتلك الحقيقة ما هو اهم وهو «... ان معرفة نفسية الجماهير تشكل المصدر الاساسي لرجل الدولة الذي يريد الا ُيحكم كليا من قبلها ولا اقول يحكمها لان ذلك اصبح اليوم صعبا جدا».
تخيلوا كيف ان لوبون ومنذ بدايات القرن الماضي يكشف هذه الحقائق عن الجماهير وعظمتها وكيفية التعامل معها، بينما مازال البعض لدينا وفي الالفية الثانية والقرن الحادي والعشرين يعتقد ان الجماهير هي مجرد خراف يمكن ان تساق بالقوة الى المسلخ.
هل قرأ هؤلاء الحكام كتاب « سيكولوجية الجماهير « لـ لوبون؟
اعتقد انهم حتى لو قرأوه مائة مرة فانهم لن يغادروا «مربع الايمان بالدم وقناعتهم بان الحكم لا يعمد الا به»!!
انها عقلية ونفسية الدكتاتور!
rajatalab@hotmail.com
رجا طلب
الراي