«زهور» شهيدة عمان بلا قبر ..
عماد شاهين
25-08-2007 03:00 AM
نعم لن تطلب زهور الشاهدة على قضية وفضيحة عمالة الاطفال بالاردن والسبب ببساطة انها ارتأت ان تكون القضية الاساسية والضحية الوحيدة تاركة الحكم لشهود العيان الذين تنصلوا من دمها كأن شيئا لم يكن.
زهور ابنة الخمسة عشر ربيعا من المعاناة لقيت حتفها اثناء تنظيفها زجاج الطابق الرابع لدائرة حكومية، وكانت كلماتها الاخيرة وهي على فراش الموت «اخ يما»... اخ.. اخ.. بألم لم يسُمع له صدى او مجيب بعد ان فارقت الحياة لتكون الشاهدة الوحيدة على خرافة ما يحدث في دوائرنا الحكومية.
الحكومة قدمت انفاس زهور دون مجيب او معز وكأن موتها غير لائق، حيث انشغلت الحكومة بترتيب الوزارات والانتخابات واعداد الخطط المحكمة لرفع الاسعار وايجاد بنود اضافية للمصروفات الحكومية من بوفيهات وضمانات صحية واجتماعية.
زهور كانت الشاهدة الوحيدة على الاهمال الحكومي في مراقبة مؤسساتها فغابت دون بواك .. «خمسة عشر» ربيعا من الجهد والكد والتعب حصيلتها مراهقة تعمل بالنظافة وتموت في ممارستها دون ان تتلقاها اي من مؤسسات رعاية الطفولة حيث غابت الحكومات وضاعت معها الضمائر وسط اجيج ادخنة السجائر الكوبية الفاخرة والسيارات الفارهة التي يتزود بها الحكوميون.
ضاعت احلام زهور مع ضياع الرقابة الحكومية والبيرقراطية ..تلك الاحلام التي لن تغفر لاؤلئك فاقدي الضمائر.
زهور غابت لتُفتح صفحة من حاضرنا المظلم البائس.. غابت وغابت معها تلك الابتسامة الملائكية والحركة البريئة لتكشف عن قصة كفاح فردية رسمت خطوطا اوضح من تشي جيفارا وكانت ذات صدى زاد عن صوت لينين وستالين بعد ان اكدت ان الكفاح عنوان رئيسي للتضحية.
زهور اعذري حكومتنا لعدم قيامها بحضور جنازتك فهي مشغولة في اعداد خطة لمكافحة عمالة الاطفال وعاكفة على تخصيص مبلغ مليار دولار لتعليم الميسورين من ابنائها وجادة في تطبيق جميع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل.
زهور اعذري حكومتنا فهي مشغولة في القضاء على الفرد الاخير من الامية وافراغ دور الايتام بعد ان تحسنت امورهم المادية، وفتح الجامعات والمدارس المجانية واطفاء الشمعات الاخيرة لاعياد ميلاد ابنائهم الخامس عشر.
زهور لا تقلقي ففي وسط قلب العاصمة عمان ثمة بسطاء يحملون احلامهم في دواخلهم ويعبرون بلغة الى غدٍ خال من هواجس الخوف من المجهول والى غدٍ بلا رئيس او مسؤول اثقلت كاهله مؤسسة واهية وقرارات غير صائبة وانجاز مبتور.
وداعا يا زهور الوعد والقهر وعنوان الكفاح والتضحية في زمن قلت فيه البطولات وغابت عنه النظريات الانسانية والضمائرية .. فلن يقدم وزير استقالته من اجلك ولن يهاتف الرئيس احدا لمعرفة اسباب موتك، فلو كنت ابنة مسؤول او رجل مال واعمال لقامت الدنيا وما قعدت، فنحمد الله انك نلت شرف الابطال ومت ميتة العظماء والمناضلين والمكافحين للقمة العيش قبل ان يصيبك ما اصابنا من هوس.
يا زهرة الطفولة المقدسة .. وداعا بلا شاهد قبر او عصر ككل اولئك الفقراء البائسين الكادحين تاركة القبور المزينة والمزركشة مكتفية بان تكوني امام منزلك الذي كان الشاهد الوحيد على القصة .. وداعا ومعك احلامي واحلام الطفولة.
رئيس هيئة التحرير/صحيفة المواجهة