على هامش لقاء الفلاحات الأخير
عاطف الفراية
25-08-2007 03:00 AM
أتمنى على الأستاذ سالم الفلاحات المراقب العام لجماعة الإخوان أن يوسع صدره قليلا ويتنازل عن المبدأ الذي ثبته في الحوار الذي أجرته (إخوان أون لاين وأعادت نشره عمون) ..حين اعتبر أن أي كاتب يتطوع لتوجيه أي نقد أو تحليل يخص الجماعة الإسلامية هو بالضرورة مغامر ينتظر أجره من الأجهزة الرسمية.. لأن هذا المبدأ يصب في منح (العصمة) للذات.. وينزع عن الآخرين حق النظر فيما حولهم وفهمه بطريقة تختلف عن فهم فضيلته. وليفترض أن هناك من يطمع في الأجر والثواب من الله تعالى على اجتهاده الخاص في الفهم. وإن أخطأ فهو بشر.. وليس كل ناقد أو مختلف مع الجماعة بالضرورة عدو متآمر.. والجماعة شأن عام وفهمها وتحليلها ونقدها أمر متاح لكل الناس .. وإن كان نقدها محرما على أبنائها الذين تتم تصفيتهم واحدا تلو الآخر إذا أظهروا فهما مغايرا.. أو اقتربوا من تابوات ومحرمات (القيادة الخلفية) المتمثلة في تيار التشدد(همام..أبو فارس).
وبعد:ـ
دأبت القيادة الخلفية لجماعة الإخوان المسلمين والتي يتنازعها أكثر من تيار.. وغالبا تكون الغلبة لتيار التشدد الذي يحتمي خلف مقولة (العلم الشرعي) ويتحصن بالقوة المالية والتاريخية للجمعية.. بقيادة الثنائي (همام ..أبو فارس) (مع حفظ الألقاب لكل الأسماء السابقة والتالية) في مواجهة تيار الوسط الذهبي الذي أسسه شباب واعون مثقفون مخلصون متمسكون بالخط الوسطي الإصلاحي الأساسي للجماعة وعلى رأسهم المرحوم الأزايدة الذي ورثه عماد أبو دية ومن معه من شباب مضطهدين مكروهين ومحاربين من تيار التشدد لدرجة تقترب من التخوين والتكفير والفرح الغامر بالخروج من الصف.. كما في وجه التيار الثالث تيار العمل السياسي المنفتح الذي تخلصت الجماعة من بعض رموزه من مثل (عكايلة ..عكور.. عموش) ((لاحظ جغرافيا الأسماء)) بشكل إقصائي مجاني .. وأهم من بقي منه...عربيات.. الفرحان.. عويضة..الخ
أقول دأبت تلك القيادة الذكية على الزج بواجهة دستورية لموقع المراقب العام بشروط عشائرية تحمي الواجهة الخلفية من الشكوك. وتكون رأس حربة في أي صراع مع الحكومة لاعتبارات إقليمية.. ومنذ الانقلاب الأبيض الذي أخرج فيه (أبو ماجد) من الموقع المذكور دأبت القيادة الخلفية على الزج برجل طيب القلب بسيط النظرة والفكر ينصاع لما تجود به قريحة وعلم أصحاب متراس (الرأي الشرعي) الذين وصفهم بعض أقرانهم من الأكاديميين الدعاة العاملين في القيادة ب (الآيات) إشارة إلى ما يمنحون أنفسهم من عصمة تؤهلهم لتخوين أو تخطيء كل من خالفهم..
كنا نقول: إن وجود شخص مثل الأستاذ عبد المجيد الذنيبات في هذا الموقع ربما يعكس أزمة داخل الحركة.. عندما نراه في حوار تلفزيوني ينظّر لانتخابات طلبة جامعة مؤتة ..مثلا. ونقول: ألا يوجد طالب يتبنى تلك المهمة البسيطة ليتفرغ المراقب العام للواجبات الأكثر أهمية؟ إلا أن الصدمة كانت أكبر حين رأيناه أمام محاور سياسي إعلامي .. وبدا يومها بسيطا مهزوزا لا يقوى على المحاورة..
وعندما زجت القيادة الخلفية بالأستاذ سالم الفلاحات لذات الموقع تعمق لدينا إحساس بأن الأمر لم يكن مصادفة ولم يكن أزمة في القيادات.. بل أمراً مدروساً تقتضي فيه حكمة (السادة المعصومين) أن يضعوا في الواجهة أشخاصا نبلاء بسيطين لا علاقة لهم بالعمل السياسي.. ليتحملوا مسؤولية تفجير الصراع مع الحكومات .. وتجري على ألسنتهم المقولات على عواهنها ..
وفي اختيارهم هنا رسالة أخرى مقروءة لنا بوضوح.. وهي(هذه بضاعتكم ردت إليكم)
بمعنى.. إذا كانت أدبيات الإخوان في الأردن (كتنظيم فلسطيني لا يختلف عن التنظيمات الأخرى المقتتلة في الداخل المحتل إلا في سعيه لتثبيت أقدامه في الوطن البديل) اقتضت أن يوضع في موقع المراقب العام دائما شخص من عشيرة أردنية معروفة لأسباب تتعلق بالوجود القانوني (والتداخل العشائري المصلحي الاجتماعي الدعوي الانتخابي الاحتمائي ).. فإن تلك الأدبيات تم توظيفها مؤخرا من أجل توجيه رسالة أن (هذا الموجود) أي أن هذا الحد من الأداء السياسي والفكري والتحاوري هو أفضل ما قدمته العشائر الأردنية ليكون في موقع القيادة اتكاء على (ارتفاع منسوب خشوعه) وسماحة وجهه وتقواه.. وهو (أي النموذج القيادي صاحب التدين التقليدي غير المدرك لأبعاد العمل السياسي) بوجوده في موقع القيادة لدى (حكومة الظل) لا يعي أنه يقف على قدم وساق بالتوازي مع الشخصية التي تتولى إدارة شؤون البلاد (حكومة الضوء) ومقاييس اختياره في الأساس لا يكفي فيها أن يكون تقيا فقط وإن كانت التقوى أساساً يفترض وجودها ابتداء قبل الاشتراطات الأخرى. لكنها ليست تمثيلا حقيقيا للندية الفكرية والسياسية ..
وما يدفع للاعتقاد بسوء النية في الاختيار وعدم الارتكان لمبدأ المصادفة هو محاولة القيادة الخلفية الناجحة في التخلص أولا بأول من الشخصيات التي أضافت للبناء التربوي العقائدي الديني بناء فكريا سياسيا حركيا عمليا مرنا.. بالإقصاء حينا.. وبالإحراج حتى الخروج حينا.. وبافتعال الاختلاف الحاد المؤدي إلى العزل النسبي أحيانا.. حتى أصبحت الجماعة من داخلها فاقدة للحمة ووحدة الرؤية والهدف..
لا عجب أن تذكرني عبارة (سوء النية) بإصرار (القيادة الخلفية) لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه على اختيار (أبو موسى الأشعري) رضي الله عنه.. وهو من هو من حيث علمه الشرعي وتقواه.. ليمثل عليا أمام داهية مثل (عمرو بن العاص)..رضي الله عنه أيضا.. في تحكيم سياسي غير متكافئ الفرص..مستبعدين دهاة من مثل عبدالله بن العباس..رضي الله عنهما.. بحجج ظاهرها مقنع. وباطنها أدى إلى ما أدى إليه من فتنة وخراب أرادته حكومة علي الخلفية المخترقة.. وما زلنا ندفع ثمنه حتى الآن. .. (للحديث بقية)
الشارقة/ 00971507354634
http://atefamal.maktoobblog.com/