لكل قطر مفرداته بما فيها من معان ودلالات ، وتصبح المفردة كتوقيع أو بصمة خاصة بالبلد المعني ، تنبه السامع إلى جنسية المتحدث . ومن الصفات المميزة ( بكسر الياء ) للمواطن الأردني عدم تكبّره على أحد ، وعدم تقبله لتكبّر أحد عليه ، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى خصوصية مفردات الخطاب الأردني فهي تجمع بين البساطة والاحترام ، وهذه ميزة هامة إذ يصعب الجمع بينهما ، حيث يظن البعض خطأ أن في البساطة تقليل للمكانة والمنزلة . تعتبر مخاطبة الشخص بكنيته صفة أردنية واضحة ، وإن شاركه فيها بعض الدول العربية . ومما تعرّفه معاجم اللغة للكنية : اسم يعّلق على الشخص للتعظيم كالقول " أبو فلان " ، والكنية : ما ُصّدِِِر بأب أو أم أو ابن أو بنت . ووفق ما تعودنا عليه في الأردن يجري التخاطب بالكنية لغاية إظهار المودة والاحترام والتعظيم في آن واحد . وتشيع مناداة الشخص ومخاطبته باسم أكبر أبنائه في الأردن بدرجة لفتت انتباه الأشقاء العرب ، إذ كيف يتحدث الأردني عن سيد البلاد بالقول : " أبو حسين " كما تحدث قبلها عن والده الباني الراحل بالقول : " أبو عبد الله " ؟ وفي الوقت ذاته يتحدث أو ينادي إخوانه وجيرانه : " أبو العبد " و " أبو كرّيم " ؟
الدارج في الأردن ومعظم الدول العربية أن يكنى الرجل والمرأة باسم أكبر الأبناء الذكور ( أو الإناث إن كانت هبة الله من الإناث فقط إلى حين أن يهبهما الله مولودا ذكرا ) ويكنى الرجل الأردني أحيانا باسم والده حتى لو يكن متزوجا ، إلى حين زواجه ، وإنعام الله عليه بالأولاد والبنات ، ويختار ما يراه وزوجته من الأسماء ، ويتم اختيار اسم الوالد ( جد المولود ) كدلالة على محبته لوالده ، وتكريما له ، وعلى انتماء الفرد لأبيه . ومن الملاحظ أن الرجال يتحدثون عن زوجاتهم بكنيتها ، وبمناداتها أمام الآخرين بها ، أو الاستعاضة عن ذلك بمفردة يشار بها إليها كـ " العيلة " أو " العيال " وما نحو ذلك .
وتكنى شخصيات معينة بأسماء خاصة بها ومن ذلك إطلاق كنية " أبو خليل " التي أطلقت منذ عقود على المواطن اللبناني ، كما أطلقت على الجندي العراقي ، أيام ما كان العراق جمهورية ذات سيادة . وكنيّ الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد باسم " أبو سليمان " في حين أن أكبر أبنائه كان الراحل باسل ، ولم يكنى باسمه .
ويكنّى إبراهيم بـ أبو خليل ، وحسن بـ أبو علي ، ورمضان بـ أبو صيام ، وغير ذلك كثير ، لأسباب لا تخفى على القارئ الكريم ، أما " أبو الشباب " فهو وسيلة تكاد تشمل بلاد الشام لنداء ُتستنهض به همة شاب تجهل اسمه بقصد لفت انتباهه أو طلب مساعدته وعونه .
أما " أبو عرب " فله تحية عظيمة بما يتناسب وعظمة صبره وشدة آلامه وعرض آماله ، فهو صابر مرابط في المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج ، ويضرب أبناؤه في شتى بقاع الدنيا وأصقاعها طلبا لعمل أو علم أو ملاذ آمن .
يبقى النداء بالكنية خطاب مودة ومساواة أردنية خالصة ، واحترام يقوم على العرف واللغة والمعايير الوطنية ، وضربا من التواصل مع القريب والنسيب والجار ، في زمن تباعدت فيه القلوب والبيوت .
haniazizi@yahoo.com