كما تعلمون توجد أمور تحتاج الى "مْواقَفَة". و"المواقَفَة" غير الوقوف وتختلف عنه جذرياً, وهي لا تشترط الوقوف أصلاً, ولكنها أصعب وأطول زمناً وأوسع نطاقاً منه. إنها تعني خليطاً من الاستعداد والجاهزية والتيقظ والنشاط المتواصل والمتابعة التي لا تمل.
ومن أشهر الأمور التي تحتاج الى "مْواقَفَة": تحصيل العلم والشروع في بناء بيت او تأسيس مشرع كبير وتربية الأولاد الكثيرين, ومن المهن التي تحتاج الى "مواقفة": التجارة والفلاحة والزراعة لأنها تتطلب العمل والانتباه طوال الوقت.
وهناك صنف خاص من النساء تحتاج العلاقة معه إلى "مواقفة", والمرأة من هذا الصنف تتميز بصفات متعددة ومتشعبة ومركبة بنسب مدروسة, منها الجمال والشخصية وحجم الجسم والتطلعات والطموح والمشية والابتسامة والنظرة برضا أو بغضب وغير ذلك. إن المرأة الواحدة من هذا الصنف تحتاج لجهود قد تكفي للتعامل مع عشر نساء, ولكن من المستبعد انه يوجد بالمقابل رجال يحتاجون الى "مواقفة نسائية" لأسباب بعيدة عن مجال بحثنا في هذه العجالة.
بحسب ما سبق, من الواضح أن "المواقفة" نشاط أو فعل كبير مرموق لا يكون الا في الأمور الخاصة والمهمة. غير أنه من المحزن أن الظروف المعاشية والحياتية وجّهت الى "المواقفة" ضربة موجعة.
فقبل أسبوع أمضيت ليلة عند أهلي في الرمثا, وبعد منتصف الليل سمعت جلبة في كل الحي شارك فيها رجال ونساء, وفي اليوم التالي استفسرت عن الأمر, فقيل لي أن الماء تضخ في الحنفيات عدة ساعات خلال الليل فقط ولمرة واحدة أسبوعياً, وعلى الناس أن يبقوا يقظين بانتظار ساعة الضخ.. واختتم محدثي بقوله: "المسألة بدها مْواقفة".
ahmadabukhalil@hotmail.com
(العرب اليوم)